أسطول أميركي يقع مقره في البحرين وتتركز منطقة نشاطه في المجال الممتد من البحر الأحمر إلى الخليج العربي، مرورا بالمحيط الهندي وبحر العرب. يعد مكونا أساسيا في الحضور العسكري الأميركي في منطقة الشرق الأوسط لتعزيز النفوذ الأميركي وحماية طرق التجارة ومصادر الطاقة ومحاربة “الإرهاب” والقرصنة البحرية والتحديات السيبرانية.
النشأة والتأسيس
تعود تسمية الأسطول الخامس إلى الحرب العالمية الثانية، حين أنشأ الجيش الأميركي في 15 مارس/آذار 1943 أساطيل في إطار تنظيم عملياته العسكرية وتوزيع المناطق الجغرافية لنشاطه. وكُلف الأسطول الخامس آنذاك بمنطقة وسط المحيط الهادي وخاض معارك كبيرة ضد قوات الإمبراطورية اليابانية، أبرزها معارك بحر الفلبين وإيوجيما وأوكيناوا.
وبحلول مارس/آذار 1945 نُقلت السيطرة على مناطق الأسطول الخامس وقواته إلى قائد الأسطول السابع، ثم قررت القيادة العسكرية الأميركية حل الأسطول الخامس في يناير/كانون الثاني 1947 ضمن تقليص عام للقوات البحرية، بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.
أما الحضور العسكري الأميركي في الخليج العربي فيعود إلى منتصف القرن الـ20، وظل للبحرية الأميركية وجود في المنطقة منذ إنشاء قوة الشرق الأوسط يوم 16 أغسطس/آب 1949، التي استأجرت مساحات من قاعدة الجفير البحرية البريطانية في البحرين، ثم استمر وجودها فيها باتفاق مع الحكومة البحرينية ابتداء من عام 1971، وسُميت آنذاك وحدة الدعم الإداري في البحرين.
كان الأسطول الأميركي السابع المسؤول عن المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي يتولى طوال هذه المرحلة تنفيذ التحركات العسكرية الأميركية ذات النطاق الواسع، وقد شارك في عمليات البحرية في حرب الخليج الثانية.
وفي أعقاب الحرب التي شنها التحالف الدولي لإخراج القوات العراقية من الكويت شجع القادة العسكريون الأميركيون على تطوير الحضور الأميركي بما يتلاءم مع الدروس المستفادة، والتي أثبتت في رأيهم الحاجة الماسة إلى قيادة بحرية لديها الطواقم والاتصال والأقدمية لإدارة وجود بحري كبير.
كان المدافعون عن الفكرة في النقاشات التي تناولت الموضوع في دوائر الدفاع، وشاركت فيها الخارجية الأميركية، يرون أن من شأن استحداث أسطول جديد أن يعبر بشكل فعال عن التزام قوي من جانب الولايات المتحدة تجاه المنطقة.
وفي ضوء التوصيات المستمرة للقادة المتعاقبين للقوات الأميركية، وفي ضوء ما عدّ “تهديدات مستمرة من العراق وإيران”، والتحديات التي تكتنف الأوضاع السياسية في المنطقة، أعيد إنشاء الأسطول الخامس من جديد في الرابع من مايو/أيار 1995 بقرار من وزير الدفاع الأميركي ويليام جي بيري.
كانت واشنطن قد وقعت مع المنامة اتفاق تعاون دفاعي في أكتوبر/تشرين الأول 1991، وابتداء من عام 1993 اتخذت القيادة المركزية لقوات البحرية الأميركية مركزا لها في البحرين، ثم أصبحت المنامة المقر الرئيسي للأسطول الخامس.
مجال النشاط
تمتد منطقة عمليات الأسطول الخامس على قرابة 6.5 ملايين كيلومتر مربع في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرق أفريقيا، وتشمل الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي.
ويضم هذا المجال 25 بلدا، بما في ذلك بلدان الخليج العربي وإيران والعراق وباكستان والصومال، كما يضم 3 نقاط ذات أهمية بالغة للتجارة العالمية هي:
- قناة السويس.
- مضيق باب المندب.
- مضيق هرمز.
المكونات
يتبع الأسطول الخامس القيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية، ويتكون في الظروف العادية من أكثر من 20 سفينة حربية، بما فيها غواصات ومدمرات تتوزع في تشكيلات حول حاملة طائرات، وفي مجموعة برمائية جاهزة تضم سفنا وطائرات شحن ومروحيات قتالية ووحدات دعم مختلفة.
ويصل عدد أفراد الأسطول إلى نحو 15 ألف عنصر على السفن، إضافة إلى ألف عنصر على اليابسة.
ويتوزع الأسطول على عدد من قوات المهمات أبرزها:
- قوة المهام 50 القتالية التي تضم حاملة طائرات.
- القوة 51 المتخصصة في القيادة والتحكم والاستجابة للطوارئ والمساعدة والإغاثة.
- قوة المهمات 52 للتعامل مع الألغام.
- القوة 53 للدعم اللوجستي.
- القوة 54 للغواصات.
- القوة 57 للمراقبة والاستطلاع.
وقد استحدث الأسطول الخامس قوة المهمات 59 المتخصصة في الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي لدمج هذه الأدوات في أنشطته، حيث كثف استخدامه للطائرات المسيرة والسفن السطحية غير المأهولة والمركبات غير المأهولة العاملة تحت الماء، ويتوفر على مركزين لتشغيل هذه المنصات في البحرين والأردن.
وأوْلى الأسطول منذ إنشائه أهمية خاصة للعمليات المشتركة والأنشطة في إطار التحالف، وإضافة إلى قواته الذاتية يتولى قائد الأسطول تحالفا من 34 بلدا يضم 3 تشكيلات تختص بمجالات الأمن البحري ومحاربة الإرهاب، ومحاربة القرصنة، والتعاون والأمن في الخليج العربي.
المهمات والحروب
يسعى الأسطول الأميركي الخامس إلى تجسيد الإستراتيجية البحرية الأميركية القائمة على مبدأ “إلى الأمام… انطلاقا من البحر”، بهدف مد تأثير القوة والنفوذ من المياه إلى السواحل في فترات الحرب والسلم، وضمان القدرة على التعامل الفوري مع الأزمات الطارئة.
ويضمن الأسطول الجاهزية لتأكيد الزعامة الأميركية وإبراز القوة اللازمة في النزاعات الإقليمية وحماية المصالح الأميركية ومصالح الدول الصديقة والحليفة، إضافة إلى عمليات حفظ السلام والمهمات الإنسانية.
وتمثلت إحدى أولى وأهم العمليات التي شارك فيها الأسطول بعد إعادة تأسيسه في التعامل مع تداعيات الهجوم على السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام في السابع من أغسطس/آب 1998، حيث باشر انتشارا فوريا من أجل عمليات البحث والإنقاذ والإجلاء، ثم شارك في الغارات المتزامنة التي شنتها القوات الأميركية على السودان وأفغانستان في الـ20 من الشهر نفسه.
شارك الأسطول الخامس في غزو أفغانستان في 2001 ثم العراق عام 2003، وفي مختلف الحملات العسكرية ضمن الحرب على ما يسمى بالإرهاب، بما في ذلك الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وينظم الأسطول مناورات دورية لضمان الجاهزية وتعزيز الردع وتأمين حرية الملاحة، كما يراقب أنشطة إيران التي ترى في وجوده عامل اضطراب ويمثل إخراجه من الخليج العربي أحد أهم أهدافها.
وتشمل عمليات الأسطول مكافحة القرصنة وتهريب البشر والأسلحة والممنوعات، وعمليات المعاينة والصعود والتفتيش والمصادرة وحماية المنشآت الحيوية، كما يراقب عن كثب الأنشطة الباليستية والطائرات المسيرة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.