تعد جودة الهواء في المساحات الداخلية من أهم العوامل المؤثرة على صحتنا، فوفقا لمنظمة الصحة العالمية يتسبب انخفاض جودة الهواء في 6.7 ملايين وفاة مبكرة على مستوى العالم
تستخدم النباتات عادة في تجميل المنازل والمكاتب، لكن لها فوائد أخرى جمة، إذ يمكنها تنقية الهواء من المواد العضوية السامة بفعالية فائقة، ولك أن تتخيل أن جدارا أخضر صغيرا يحتوي على مزيج من النباتات الداخلية يمكن أن يزيل الملوثات الضارة المسببة للسرطان من الهواء المحيط في غضون 8 ساعات فقط.
ففي دراسة قادها البروفيسور فريزر توربي الباحث في مجال التحلل الحيوي بجامعة التكنولوجيا الإسترالية “يو تي سي” (UTC) بالشراكة مع شركة “أمبيوس” (Ambius) المتخصصة في حلول تزيين المساحات بالنباتات تبين أن النباتات قادرة على تنقية الهواء من الغازات والأبخرة السامة الناتجة عن البترول “في أو سي إس” (VOCs) -بما في ذلك المركبات المسببة للسرطان مثل البنزين- بفعالية كبيرة.
جودة الهواء وصحتنا
وتعد جودة الهواء في المساحات الداخلية من أهم العوامل الأساسية التي تؤثر على صحتنا، فوفقا لمنظمة الصحة العالمية يتسبب انخفاض جودة الهواء في 6.7 ملايين وفاة مبكرة على مستوى العالم.
ويمكن أن يؤدي استنشاق المواد العضوية المتطايرة من المصانع وعوادم السيارات إلى تهيج الرئة والتسبب في الصداع والغثيان، وقد تم ربط هذه المواد بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان والربو والأمراض المزمنة الأخرى إذا ما تم التعرض لها لمدد طويلة، مما يساهم في انخفاض متوسط عمر الإنسان.
ولأن معظمنا يقضي حوالي 90% من الوقت داخل مساحات مغلقة كالمنازل والمدارس وأماكن العمل فإن تحسين جودة الهواء أمر بالغ الأهمية، ومن هنا جاءت فكرة الدراسة، حيث اختبر الفريق البحثي في جامعة التكنولوجيا بسيدني فعالية نظام جداري عمودي مزود بنباتات داخلية في تنقية الهواء المحيط من الأبخرة السامة عن طريق تعريض الجدار للمواد العضوية المتطايرة الناتجة عن البترول داخل غرفة محكمة الإغلاق مصممة خصيصا لضمان بيئة مغلقة.
ووجد الفريق أن النباتات قد خفضت مستويات بعض المركبات بأكثر من 80% في 8 ساعات فقط، وكانت النباتات المستخدمة في الدراسة هي نباتات “بوثوس” (Devil’s Ivy) و”سينغونيوم” (Arrowhead) ونبتة “العنكبوت” (Spider)، وهي نباتات شائعة وسهلة النمو.
ووفقا للدراسة، يقترح الباحثون أن تركيب الحدائق العمودية في المكاتب والمستشفيات والمدارس والأماكن الداخلية الأخرى يمكن أن يحسن جودة الهواء ويقلل الحاجة إلى أنظمة تهوية باهظة الثمن.
إزالة فعالة لأبخرة البترول
ووفقا للتقرير المنشور على موقع “فيز دوت أورغ” (Phys.org)، قال يوهان هودجسون المدير العام لشركة “أمبيوس” إن البحث قدم أدلة جديدة على الدور الحاسم الذي تلعبه النباتات الداخلية والجدران الخضراء في تنقية الهواء الذي نتنفسه بسرعة وبصورة مستدامة.
وأضاف “نعلم أن جودة الهواء الداخلي غالبا ما تكون أكثر تلوثا بشكل ملحوظ من الهواء الخارجي، مما يؤثر بدوره على الصحة العقلية والبدنية، لكن الخبر السار هو أن هذه الدراسة أظهرت أن شيئا بسيطا مثل وجود نباتات في المساحات الداخلية يمكن أن يحدث فرقا كبيرا”.
من جانبه، قال الأستاذ المساعد توربي فريزر إن نتائج الدراسة فاقت توقعاتهم في ما يتعلق بإزالة أبخرة البترول السامة من الهواء، مضيفا “لا يمكن للنباتات فقط إزالة أغلبية الملوثات من الهواء في غضون ساعات، بل إنها تزيل أيضا الملوثات الضارة المتعلقة بالبنزين من الهواء بكفاءة”.
وأضاف “على سبيل المثال، يتم هضم البنزين المعروف بأنه مادة مسرطنة بمعدل أسرع من المواد الأقل ضررا، مثل الكحوليات، وقد وجدنا أيضا أنه كلما زاد تركيز السموم في الهواء زادت سرعة وفعالية النباتات في إزالتها، مما يدل على أن النباتات تتكيف مع الظروف التي تنمو فيها”.
أول دراسة من نوعها
ومن المثير للاهتمام أن النظام كان فعالا بشكل خاص في إزالة الألكانات ومركبات البنزين ومركبات السيكلوبنتان التي تمثل بعضا من أخطر مكونات بخار البنزين، وفي حالة مشتقات البنزين -وهي السبب الرئيسي للأعراض الصحية المرتبطة بالمركبات العضوية المتطايرة- فقد أزال الألكانات بنسبة 97.9% والسيكلوبنتانات بنسبة 88.18%، أما مشتقات البنزين فأزيلت بنسبة 85.96%.
ومن المعروف أن كل تلك الأبخرة تسبب آثارا صحية ملحوظة لشاغلي الأماكن المغلقة.
وبحسب تقرير شركة “أمبيوس”، فإن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تهتم بدراسة فعالية النباتات في تنقية الهواء من الأبخرة العضوية المتطايرة بشكل خاص مع نتائج فائقة للتوقعات تؤكد على أهمية النباتات لصحتنا ونظامنا البيئي.
ويثبت البحث الجديد أنه لا ينبغي النظر إلى النباتات على أنها كائنات لطيفة لتجميل المساحات الداخلية وحسب، بل جزء أساسي من كل خطة صحية في مكان العمل والمنزل والأماكن المغلقة بشكل عام.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.