متابعات ينبوع العرفة:
طيلة 4 قرون كاملة، حكم العثمانيون مصر وبعض الدول العربية. وخلال تواجدهم اختلطوا بالمصريين وامتزجت بعض ثقافاتهم وكلماتهم بالثقافة واللهجة المصرية، وباتت جزءاً لا يتجزأ من اللهجات المصرية.
وتوارث المصريون من العثمانيين عدة مفردات أصبحت حتى يومنا هذا ضمن قاموس اللهجات المصرية العامية، منها مثلاً كلمة “أسطى”وتعني صاحب حرفة أو المتخصص في مهنة يدوية ويبدع فيها، وكلمة “دولاب” وتعني المكان الذي يتم حفظ ووضع الملابس فيه، و”كنبة” أي الأريكة و”أوضة” أي الغرفة و”درابزين” أي المسند الذي يكون بالدرج أو السلم.
“عفارم عليك” و”تمام” وغيرهما الكثير
كما التقطوا من الكلمات العثمانية والتركية أيضاً كلمة “دوغري” أي الرجل الذي يتحدث بصراحة ودون مواربة، و”الأبلة” التي كانت تقال للمعلمات في المدارس وتعني الأخت الكبيرة، و”أبيه” أي الأخ الكبير.
كذلك تضمنت المفردات العامية المصرية كلمات أخرى مقتبسة من التركية منها “ماسح الجوخ” وهو مصطلح يطلق على الشخص الذي يقوم على خدمة السلطان وإعداد وتنظيف وتلبيس أحذيته وتقال للشخص المشهور بالتملق، و”أونطه” و”أونطجي” والتي تطلق على من يتفوه بالكذب، ولا يقول الحق ويلجأ لحيل خبيثة وماكرة للحصول على حق ليس له.
وشملت أيضاً كلمات “عفارم عليك” أي أحسنت، وكلمة “تمام” أي كل شيء على ما يرام أو حسن، و”تنبل” وهي مشتقة من كلمة تمبل التركية أي الكسول، و”شوال” وتعني الكيس الكبير ويقال للكيس الذي يتم فيه حفظ الدقيق والطحين، و”كفتة” أي كرات اللحم و”ترزي” أي الخياط الذي يقوم بحياكة الملابس. وغيرها الكثير.
من كتاب تجار مصر في العصر العثماني
“بحكم الاختلاط اليومي والحياتي”
في السياق قال أستاذ ورئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب في جامعة عين شمس، حسن أحمد الإبياري، لـ”العربية.نت”، إن “المصريين وطوال فترة الاحتلال العثماني اقتبسوا تلك الكلمات بحكم الاختلاط اليومي والحياتي، كما صارت لهم كلمات ولزمات أصبحت معتادة لديهم للتعامل مع الأتراك مثل “طز” وهي كلمة تركية ومعناها ملح، ويستخدمها المصريون للتعبير عن عدم الاكثراث، وكانت لتلك الكلمة حكاية تاريخية”.
وأضاف أن “الحكومة العثمانية كانت تفرض ضرائب على التجار العرب على جميع البضائع ما عدا الملح، فكان التجار العرب عند مرورهم على المفتشين الأتراك يقولون “طز” أي لا يوجد معنا إلا الملح حتى لا يقومون بدفع الضرائب، وشيئاً فشيئاً أصبح التجار العرب يرددون تلك الكلمة للسخرية من المفتشين الأتراك، وهكذا اكتسبت معناها المتعارف عليه في الوقت الحالي”.
فيما أردف أن “كلمة “درابزين” وتعني التَّفَارِيجُ مشتقة من كلمة فارسية وكان أهل الأندلس يطلقون اسم الدَرْبوز على القضبان أو الأعمدة الصغيرة التي تشكل حاجز الدرج أو الشُرَفة”.
نظام البلطجية
كما أوضح الإبياري أن “المصريين استخدموا أيضاً “نينة” وهي كلمة تركية تشير إلى الجدة، و”أورنيك” أي النموذج، وهو غالباً ورقة مطبوعة تحمل نموذجاً لطلب إداري، وتُستخدم في العامية المصرية بنفس المعنى والنطق، فيقال “أورنيك فحص”، “أورنيك إجازة” وغيرها، ويُستخدم المصطلح بكثرة في الدوائر الأمنية”. وأشار أيضاً إلى أن كلمة “هانم” تنادى بها السيدات، وكلمة “أفندي” وينادى بها الموظفون.
كذلك شرح أن “كلمة بلطجي هي مصطلح تركي صميم، كان يطلق على فرقة مشاة منظمة بالجيش العثماني تتقدم القوات الغازية لقطع الأشجار بالبلط وشق الطريق أمامه”.
وقال إن “نظام البلطجية انتقل لمصر في عهد محمد علي الذي أنشأ عام 1834 مدرسة المهندس خانة ببولاق وهي مدرسة خاصة بالمهندسين العسكريين. وقد تخرج في هذه المدرسة نوعان من الطلبة هم اللغمجية الذين كانوا يقومون بزرع الألغام، والبلطجية وهم من يحملون البلط والفؤوس ويقومون بحفر الخنادق وعمل المناورات الخاصة بالجيش والتغلب على العوائق التي تواجههم”، موضحا أنه “في بدايات القرن التاسع عشر، ارتبطت البلطجة فى العامية المصرية، وفي أذهان المصريين بمدلول طيب. فالبلطجية في مصر لعبوا دوراً مهماً بمشروع التحديث والتطوير”.
ضبط سلوك الشارع
وكشف الإبياري أنه “عندما أنشأ محمد علي أول مدرسة لتعليم البنات في مصر، وكانت مخصصة لتعليمهن التمريض، كان مشهد الطالبات الذاهبات إلى المدرسة بالزي الأبيض الموحد، كاشفات عن وجوههن، جديداً على المصريين ومثيراً لانتباههم، وهو ما حرض على قيام العامة من الناس بمعاكستهن لدى مرورهن بالشوارع. ما أثار غضب محمد علي، فأمر على الفور بتخصيص بلطجية من الجيش لحماية الطالبات من المعاكسات والمضايقات والفضول”.
كما لفت إلى أن “كل بلطجي كان يتقدم طالبة ساحباً الدابة التي تمتطيها إلى المدرسة، وأدى هذا الأمر إلى ضبط سلوك الشارع المصري وهدوئه، وتشجيع الفتيات على الاستمرار في التعليم، وتحفيز غيرهن على الالتحاق بالمدرسة، واستمرار أحد المنجزات المهمة والحيوية في مشروع تحديث مصر”.
كذلك ختم قائلاً إن “المصريين اقتبسوا من الكلمات التركية أيضاً كلمة “عربية” وتعني السيارة وكانوا يقصدون بها الكلمة التركية “أرابة”، وكلمة” برضو” أي أيضاً، و”كوبري” أي جسر، و”تشكر ” وتعني شكراً جزيلاً، و”صاغ سليم” وتعني سليماً معافياً و”كراكون” ويقصدون بها قسم الشرطة و”لطفاً” وتعني من فضلك”.
الجدير بالذكر ان خبر “”أسطى وطز وأونطجي”.. سر كلمات يستعملها المصريون” تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق يبوع المعرفة والمصدر الأساسي هو المعني بصحة الخبر من عدمه.
وموقع ينبوع المعرفة يرحب بكم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة كافة الأحداث والأخبار اول بأول.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.