أثار هجوم قرب معبد يهودي (كنيس) في جزيرة جربة التونسية، أدى إلى مقتل 5 أشخاص على الأقل، تخوفات من تأثر الموسم السياحي في البلاد، كما أنه أعاد الهواجس بشأن تجدد تنفيذ عمليات مماثلة.
وجاء الهجوم الذي نفذه -بحسب رواية وزارة الداخلية التونسية- رجل أمن تابع للحرس البحري، تزامنا مع احتفالات سنوية تجذب مئات اليهود من أوروبا إلى معبد الغريبة.
ويجتذب موسم الزيارة السنوية لمعبد الغريبة، وهو أقدم كنيس في أفريقيا، مئات اليهود من أوروبا وإسرائيل إلى جزيرة جربة التي تعد منتجعا سياحيا رئيسيا قبالة سواحل جنوب تونس، وتبعد 500 كيلومتر عن تونس العاصمة.
وتشير التفاصيل التي نشرتها وزارة الداخلية إلى أن المهاجم قتل زميله “ثم حاول الوصول إلى محيط معبد الغريبة وعمد إلى إطلاق النار بصفة عشوائية على الوحدات الأمنية المتمركزة بالمكان، التي تصدت له ومنعته من الوصول إلى المعبد وأردته قتيلا”.
وأضافت أن العملية أسفرت عن إصابة 6 أعوان أمن بإصابات متفاوتة الخطورة توفي أحدهم، كما توفي اثنان من زوار المعبد، وأصيب 4 أشخاص آخرين بجروح متفاوتة تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
من جهتها، ذكرت وزارة الخارجية التونسية في بيان أن الزائرين القتيلين هما تونسي (30 سنة) وفرنسي (42 سنة).
وأظهر مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصا خائفين يقفون في فناء المعبد اليهودي في حين تردد صوت إطلاق نار. وكان سكان قد قالوا إنهم سمعوا صوت تبادل لإطلاق النار.
في بادئ الأمر، أفادت وسائل إعلام تونسية بحدوث إطلاق نار قرب كنيس الغريبة بعد مقتل عنصر أمن في ظروف غامضة.
وساهم تأخر وزارة الداخلية في نشر المعلومة الرسمية في حالة من البلبلة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناقل متابعون وناشطون معلومات غير دقيقة وإشاعات بشأن الحادث في البداية.
يأتي ذلك في حين تمسك آخرون بمطالبة الجهات الرسمية بتوضيح ما يحدث، وقطع حالة الصمت.
وقالت الصحفية التونسية منية العرفاوي: “مَن من الزملاء من يؤكد أو ينفي خبر العملية الإرهابية المزعومة في جربة، باعتبار أننا في دولة صامتة كالقبور لا تثرثر إلا فيما لا ينفع الناس؟”.
من جهته، أكد الإعلامي برهان بسيس قبل صدور بيان الداخلية، أن التوضيح الرسمي أكثر من مهم، مؤكدا ضرورة توجيه رسالة طمأنة للعالم، خاصة بعد تفاعل سفارة فرنسا مع الحادث ونشرها الخبر على صفحتها وتوجيهها توصيات للموجودين بالمعبد.
أما الصحفي علي القاسمي فقال: “غياب الرواية الرسمية هو الذي يغذي الإشاعات.. الصمت الرسمي أيضا يجب أن يكون تحت طائلة المرسوم 54، لأن الموسم السياحي بكامله قد يكون في مهب الريح بسبب تأخر نزول البيان”.
وتفاعلا مع العملية المسلحة، أعلنت السفارة الفرنسية في تونس اليوم الأربعاء أنها أنشأت “وحدة أزمة” وخط طوارئ ساخنا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر على تويتر، إن “الولايات المتحدة تندد بالهجوم الذي وقع في تونس ويتزامن مع موسم الحج اليهودي السنوي الذي يجتذب مُصلين من كل أنحاء العالم إلى كنيس الغريبة”.
The United States deplores the attack in Tunisia coinciding with the annual Jewish pilgrimage that draws faithful to the El Ghriba Synagogue from around the world. We express condolences to the Tunisian people and commend the rapid action of Tunisian security forces.
— Matthew Miller (@StateDeptSpox) May 10, 2023
وأضاف “نعرب عن تعازينا للشعب التونسي ونُثني على التحرك السريع لقوات الأمن التونسية”.
حج وطقوس
وفقا للمنظمين، أتى هذا العام أكثر من 5 آلاف يهودي، معظمهم من الخارج، للمشاركة في حج الغريبة الذي استؤنف السنة الماضية بعد انقطاع دام عامين بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19).
ويُنظم الحج إلى كنيس الغريبة سنويا في اليوم الـ33 من عيد الفصح اليهودي، وهو في صميم تقاليد اليهود التونسيين الذين لا يزيد عددهم على 1500، يعيش معظمهم في جربة، في مقابل 100 ألف قبل الاستقلال عام 1956.
ويأتي حجاج أيضا من الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة أو إسرائيل، لكن عددهم تضاءل إلى حد كبير بعد هجوم عام 2002 الذي أسفر عن مقتل 21 شخصا من بينهم 14 ألمانيا.
ويأتي هذا الهجوم في وقت تُسجل فيه السياحة انتعاشة قوية في تونس بعد تباطؤ حاد خلال الجائحة.
وعلى إثر سنوات عدة من التدهور بسبب عدم الاستقرار الذي أعقب ثورة عام 2011، تأثر هذا القطاع الرئيسي للاقتصاد التونسي إلى حد كبير بعد هجمات في عام 2015 استهدفت متحف باردو في تونس وفندقا في سوسة، وأسفرت عن 60 قتيلا بينهم 59 سائحا أجنبيا.
ورغم حالة التخوف التي خلفتها العملية، فقد نشر تونسيون على مواقع التواصل رسائل طمأنة تؤكد أن جربة أرض للسلام والتسامح، ونشروا صورا تروج لجمال الجزيرة.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع التواصل الاجتماعي
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.