تتميز الأنشطة الشمسية بنمط منتظم يتضمن ذروات وانخفاضات في نشاط الشمس على مدار دورتها التي تستغرق نحو 11 عاما، غير أن دورة الشمس الحالية تشهد نشاطا غير متوقع قد يؤثر على الاتصالات الأرضية.
تسببت ومضة شمسية ضخمة -رُصدت في الثاني من يوليو/تموز الجاري- في انقطاع مؤقت للإذاعة في غرب الولايات المتحدة والمحيط الهادي، ووصفت الومضة -التي أطلقتها منطقة نشطة على سطح الشمس تعرف بـ”إيه آر 3354″ (AR 3354)- بأنها من النوع “إكس 1.0” (X1.0)؛ مما يجعلها واحدة من أقوى الومضات التي تمت ملاحظتها قادمة من الشمس.
ووفقا للبيان الصحفي الذي نشرته وكالة ناسا تعقيبا على الظاهرة في الثالث من يوليو/تموز 2023، فقد أثرت الومضة على الغلاف الجوي العلوي للأرض؛ مما أدى إلى التداخل مع إشارات الراديو عالية التردد في المنطقة التي تواجه الشمس في ذلك الوقت.
ولحسن الحظ، لم يكن التأثير على الأرض بمقدار الخطورة التي يمكن أن يحدثها؛ إذ تلاشت الومضة من دون وقوع أي حوادث إضافية.
ولم يكتشف الفلكيون أي انبعاث كتلي إكليلي (انفجار هائل للرياح الشمسية يتمثل في إطلاق كمية كبيرة من المادة المشحونة والمغناطيسية من الطبقة الخارجية للشمس) الذي يرتبط في كثير من الأحيان بهذه الأحداث ويمكنه إطلاق تيارات البلازما في الفضاء.
توقعات لنشاط شمسي أكثر شدة
ويتطابق هذا الانفجار الشمسي مع دورة الشمس الحالية، والمعروفة باسم “الدورة الشمسية 25″؛ مما يشير إلى توقع وجود نشاط شمسي أكثر قوة خلال الأشهر والسنين القادمة عندما نقترب من ذروة الدورة الشمسية التي تستمر 11 عاما.
وأفاد المرصد الملكي في بلجيكا بأن عدد البقع الشمسية وصل إلى ذروته خلال 21 سنة الماضية، حيث بلغ متوسط عدد البقع الشمسية 163 بقعة في اليوم خلال يونيو/حزيران الماضي. ومن ثم فإن الدورة الشمسية الحالية قد أظهرت نشاطا أكبر مما كان متوقعا لها من قبل وكالة “ناسا”، إذ بلغ التوقع الرسمي نحو 115 بقعة شمسية في الذروة.
وتشهد الدورة الشمسية سلسلة من التغيرات في النشاط الشمسي على مدار فترة تقدر بنحو 11 عاما، ويتم تتبع هذه الدورات من خلال مراقبة عدد ونشاط البقع الشمسية والظواهر المغناطيسية المرتبطة بها.
وبدأت “الدورة الشمسية 25” عام 2019 ومن المتوقع أن تستمر حتى عام 2030. ووفقا للتوقعات الحالية، فمن المتوقع أن تصل الدورة الشمسية الحالية لذروتها في يوليو/تموز 2025. ويشير النشاط الشمسي المرتفع خلال هذه الدورة إلى احتمالية زيادة عدد البقع الشمسية وحدوث ومضات شمسية وانبعاثات كتلية إكليلية.
كيف تتكون الومضات الشمسية؟
تتميز الأنشطة الشمسية بنمط منتظم يتضمن ذروات وانخفاضات في نشاط الشمس على مدار الدورة، وتلعب البقع الشمسية (وهي مناطق مؤقتة تحمل حقولا مغناطيسية قوية) دورا في تشكيل الومضات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية، وكلما زاد عدد البقع الشمسية زاد تكرار هذه الأحداث.
ولا يزال العلماء غير متأكدين من سبب زيادة النشاط الشمسي عن المتوقع؛ ولذا فإن مزيدا من دراسة هذه الأحداث يعد ضروريا لفهم العمليات الداخلية للشمس.
كيف تؤثر الومضات الشمسية على سكان الأرض؟
ويعد النشاط الشمسي ظاهرة تحمل تأثيرات على الأرض، كما توضح الومضة الشمسية الأخيرة التي شهدناها. فهو قادر على التأثير على جوانب متعددة من حياتنا، بما في ذلك اتصالات الأقمار الصناعية، وشبكات الكهرباء، وسلوك الحيوانات.
ففي عام 1859، شهدت الأرض حدثا فلكيا نادرا ومشهورا يعرف باسم “حدث كارينغتون” (Carrington Event)؛ إذ تسببت عاصفة شمسية قوية في تداعيات واسعة على الاتصالات الأرضية، مع تسجيل أضرار بالغة. ولم يقتصر تأثيرها على ذلك، فقد تجلى تأثير العاصفة أيضا في ظهور شفق مشع ومذهل في أرجاء العالم. ووقع هذا الحدث قبل الذروة المتوقعة للدورة الشمسية العاشرة آنذاك. وكان له تأثير كبير على نظام الاتصالات التلغرافية في بعض المناطق.
ورغم أن الدورة الشمسية رقم 25 ليست الأقوى في التاريخ، فإن العلماء يتوقعون أن تصبح واحدة من أقوى الدورات الشمسية.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.