مراسلو الجزيرة نت
طهران- بالرغم من اختفاء دوريات شرطة الأخلاق، بدأت السلطات الإيرانية في استخدام “أنظمة كاميرات ذكية” لتحديد ومعاقبة النساء اللواتي يخلعن غطاء الرأس.
وجاء الاعتماد على التكنولوجيا الذكية “لمنع أي توتر أو صراع مع المواطنين”، وفق بيان للشرطة الإيرانية، بيد أن شريحة من الإيرانيين ترى من واجبها الديني “مقارعة مظاهر خلع الحجاب والتعري”، ما أدى إلى مشادات كلامية تتطور بعض الأحيان إلى نزاع واشتباك بالأيدي.
واختفت دوريات شرطة الأخلاق منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية على وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، إثر توقيفها بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم.
ومنذ تفعيل “قانون الحجاب والعفة” منتصف الشهر الجاري، عاد معه الجدل القديم الجديد بشأن الحجاب إلى الواجهة، بين شريحة ترى موضوع الحجاب يساوي الجانب الإسلامي في النظام الإيراني، وأخرى تعتقد بضرورة إلغاء القانون انطلاقا من مبدأ الحقوق الفردية.
ميدانيا، توفيت مواطنة إيرانية (59 عاما) إثر إصابتها بنوبة قلبية، وذلك عقب اشتباك مع عناصر الأمر بالمعروف بحديقة “شاهزاده ماهان” السياحية جنوب شرقي البلاد. وتداولت منصات التواصل مقاطع فيديو لمشادات كلامية بشأن الحجاب في وسائل النقل العام، كما وثقت كاميرات المراقبة رجلا يسكب اللبن الزبادي على رأسي فتاتين لعدم ارتدائهما الحجاب في متجر بمدينة شانديز شمال شرقي البلاد، مطلع الشهر الجاري.
إلزامية القانون
في هذا السياق، تشير الناشطة السياسية النائبة المحافظة في البرلمان الإيراني زُهره الهيان إلى أن إعادة تفعيل قانون الحجاب تأتي تلبية للمطالبات الشعبية، موضحة أن القانون الإيراني يلزم ارتداء الحجاب للنساء وفق الشريعة الإسلامية.
وفي حديث للجزيرة نت، تشير الهيان إلى أن إلزامية الحجاب في بلادها تتناسب والقيم الدينية والأخلاقية بالمجتمع، نافية أن يكون تطبيق القانون يضيق على حريات المرأة الإيرانية، مطالبة السلطات بعدم التراجع عن تطبيقه وعدم السماح لشريحة بزعزعة الأمن الاجتماعي.
وطالبت باعتماد خطط لترويج ثقافة الحجاب والعفاف، موضحة أن المجتمع الإيراني يعتبر الحجاب لصالح المرأة ويأخذ مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على عاتقه، وفقا للفتاوى الدينية.
لا لإجبارية الحجاب
في المقابل، تنتقد الأمينة العامة لحزب “اتحادات الشعب الإيراني” الناشطة آذر منصوري إصرار السلطات الإيرانية على فرض الحجاب، داعية إلى توظيف الكاميرات الذكية من أجل اعتقال مسببي تسمم الطالبات.
وفي سلسلة تغريدات على تويتر، حذرت منصوري من تمزيق المجتمع الإيراني وجعل المحجبات في مواجهة غير الملتزمات بغطاء الرأس، مؤكدة أنها لا ترى تناسبا بين الدعاية الرامية إلى تأجيج الانقسامات والانسجام والتضامن الوطني.
وتحت وسم “لا للحجاب الإجباري”، كتبت أن “معارضة الحجاب الإجباري تحولت إلى مقاومة اجتماعية، وأن الشريحة الرمادية تنضم بسرعة إلى الفئة المعارضة”، على حد تعبيرها.
من جانبه، يُحمّل المفكر الإيراني أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران صادق زيبا كلام الحكومة مسؤولية أي أحداث تنجم عن الجدل بشأن الحجاب، مؤكدا -في تعليق نشره في قناته على تطبيق تليغرام- أن مسؤولية ضمان أمن المواطن والدفاع عنه تعتبر من أولى واجبات السلطة، وذلك بغض النظر عن التزامه بالحجاب من عدمه.
معارضة قانونية
قانونيا، يعتبر أستاذ القانون بجامعة طهران المحامي محسن برهاني، إغلاق المحال التجارية بسبب عدم التزام مرتاديها بقواعد الحجاب مخالفا لقانون العقوبات الإيراني.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح برهاني أن العقوبات التي ينص عليها قانون الحجاب الجديد، ومنها توقيف غير الملتزمات بالحجاب وفق المعايير الرسمية واستدعاؤهن إلى مقرات الشرطة الأخلاقية ومنعهن من دخول الأماكن العامة، لا تستند إلى مواد قانونية.
وتناقلت وسائل إعلام تقارير عن إغلاق الشرطة عشرات المحال التجارية والمطاعم وتشميع مجمعات ترفيهية، بسبب عدم احترام الموظفات إلزامية ارتداء الحجاب، أو تقديمها خدمات للإيرانيات اللواتي يخلعن غطاء الرأس.
وأشار إلى أنه لا يجوز لعناصر الشرطة إيقاف سيارة النساء اللواتي لا يضعن غطاء الرأس، متسائلا “وهل يمكن حجز بلكونة البيوت واقتيادها إلى مقرات الشرطة في حال نزعت امرأة حجابها فيها؟”.
وأضاف أنه لا يحق لعناصر الشرطة فرض غرامات على غير الملتزمات بغطاء الرأس وإنما من اختيارات المحكمة، مؤكدا أن صلاحيات الشرطة لا تتجاوز اعتقال المخالفين للقانون وتسليمهم إلى المحاكم.
وخلص المحامي الإيراني إلى أنه بإمكان عناصر الشرطة والمواطنين التذكير بالقول بضرورة وضع غطاء على الرأس، إلا أن حرمان غير الملتزمات بغطاء الرأس من الخدمات الاجتماعية يتعارض والدستور الإيراني.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.