تونس- “لم يسبق لي أن شاهدت الترجي بهذا الأداء الهزيل والروح الانهزامية والعجز الفادح عن حفظ ماء الوجه واحترام عراقة النادي”.. بهذه الكلمات عبر أحمد المشري مشجع الترجي التونسي عن شعوره وهو يسترجع بعض أحداث مباراة فريقه أمام الأهلي المصري في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم.
وتجرع الترجي في تلك المباراة خسارة قاسية بثلاثية نظيفة على أرضه، ليقترب من وداع دوري أبطال أفريقيا، وسط حالة من الغضب والاستياء في أوساط جماهير النادي امتدت إلى اللاعبين والجهاز الفني والمسؤولين.
حزن وخيبة أمل
ويجلس أحمد المشري في ركن من المقهى الذي يرتاده أحيانا لمشاهدة مباريات فريقه المفضل في حال لم يكن متاحا له الذهاب إلى الملعب، وتحدث للجزيرة نت عن شعور بالحزن والخيبة بعد خسارة الترجي القاسية لتتبخر أحلام الفريق ومشجعيه في التأهل إلى المباراة النهائية للبطولة القارية.
ويرى المشري أن “الفريق الذي انهار بشكل مهين في ملعب رادس لم يحترم اسم الترجي وخيب ظن الملايين من جماهيره، لن أستثني أحدا من هؤلاء العاجزين، سواء من اللاعبين أو المسؤولين”.
واستدرك قائلا “لكن القسط الأكبر من مسؤولية الإخفاق يتحمله المدرب نبيل معلول الذي جاء ليصنع فريقا مهابا وكبيرا فإذا به يتلاعب بأعصاب المشجعين الأوفياء، لا بد من محاسبة صارمة لكل من أساء في حق تاريخ فريق الدم والذهب”.
ويعد المشري -الذي ناهز عمره الـ75 عاما- واحدا من المشجعين المخضرمين لنادي الترجي أكثر الأندية التونسية تتويجا بالألقاب، فقد عاصر أجيالا عديدة وكان حاضرا باستمرار في المباريات الكبرى لناديه، سواء من خلال الجلوس في المدرجات أو بمشاهدة ناديه المفضل على شاشة التلفاز.
وفي المقهى ذاته الذي شاهد فيه مباراة الترجي والأهلي يشير أحمد إلى صورة معلقة على جدران المقهى للاعبين سابقين في الترجي، ويقول إن “هذا الفريق كان مصدر فخر لنا، لقد كنت مشجعا وشاهدا على تتويجه بلقب الدوري الممتاز، أما الآن فشتان بين هؤلاء المحاربين وأشباه النجوم الذين يحملون الآن قميص النادي”.
ويوجه المتحدث أصابع الاتهام إلى مجلس إدارة النادي الذي لم يوفر سبل النجاح، بل زاد في تردي الأوضاع حسب قوله، مضيفا أن “هؤلاء اللاعبين هم نتاج لعمل وتخطيط إدارة النادي التي لم تكلف نفسها التعاقد مع لاعبين يملكون الخبرة الكافية بالمسابقات الأفريقية”.
وتابع “أنا متيم بعشق الترجي منذ أكثر من نصف قرن، ولم يسبق لي أن شاهدت فريقنا في مثل هذه الحالة من الوهن والتراجع، ولم أر في حياتي لاعبين بمثل هذه العقلية الانهزامية، خسارة أن يصل النادي إلى هذا الوضع الذي يثير الشفقة”.
الهزيمة الأثقل للترجي
وتعتبر الخسارة أمام الأهلي هي الأثقل للنادي داخل قواعده على مر تاريخ مشاركاته القارية، وترافقت مع أداء متواضع للفريق، مما فجر موجة من الغضب وخيبة أمل عارمة في أوساط مشجعيه الذين طالبوا بمحاسبة كل من تسبب في “هزيمة العار”، حسب وصفهم.
وسبق للترجي التونسي أن خسر على ملعبه أمام الأهلي، ولكن هزيمة أمس كانت الأثقل منذ أول مواجهة جمعت الفريقين، وذلك في نسخة سنة 1990 من كأس أفريقيا للأندية البطلة، التسمية القديمة لدوري الأبطال.
وقبل لقاء الإياب بين الترجي والأهلي في القاهرة الجمعة 19 مايو/أيار الجاري أجمع خبراء ومشجعون للنادي الأحمر والأصفر على أن “مهمة الفريق باتت مستحيلة في التدارك، بل إنه مهدد بتلقي هزيمة جديدة”.
وإلى جانب الهزيمة المحبطة في دوري أبطال أفريقيا عاش الترجي حامل لقب الدوري التونسي الممتاز في آخر 6 سنوات على وقع أزمة نتائج غير مسبوقة على مر تاريخه، إذ تلقى الأحد الماضي خسارة أمام غريمه التقليدي النادي الأفريقي، وذلك بعد 3 أيام من خسارته أمام الصفاقسي، ليتراجع إلى المركز الخامس في جدول الترتيب وعلى بعد 7 نقاط كاملة من المتصدر النجم الساحلي.
انتقادات للإدارة واستقالة نبيل معلول
وشن مشجعو فريق باب سويقة حملة شعواء طالت رئيس فرع كرة القدم رياض بالنور ومدرب الفريق الأول نبيل معلول، مطالبين رئيس النادي بإقالتهما وتطهير الفريق ممن يتلاعبون بسمعته، حسب وصف عدد من المشجعين الذين تحلقوا داخل مقهى يرتاده عادة مشجعو الترجي، وذلك للحديث عن واقع ناديهم وسبل الخروج من الأزمة.
ويرى حاتم البكوش -وهو أحد محبي “الأحمر والأصفر”- أن “الترجي دفع ثمن أخطاء قاتلة وقع فيها مدربه، لكنه كان أيضا ضحية لسوء برمجة فرضها اتحاد كرة القدم الذي أجبر الفريق على الخضوع لنسق مرهق من المباريات طوال أشهر مارس/آذار وأبريل/نيسان ومايو/أيار، مما تسبب في إصابة عدد من اللاعبين المؤثرين ليترك غيابهم ثغرة كبرى”، حسب وصفه.
وخلال تهاطل ردود الفعل الغاضبة أعلن مدرب الترجي التونسي نبيل معلول -اليوم السبت- استقالته، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على الخسارة أمام الأهلي.
وقال معلول عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك “أتفهم حزن الترجيين وخيبتهم بعد هذه الخسارة الصعبة، وأعتذر لكافة الجماهير عن عدم تمكننا من إدخال الفرحة ليلة أمس إلى قلوب جماهيرنا العريقة، في الفترة الأخيرة لم تكن المهمة سهلة بالنسبة لي ولبقية الإطار الفني واللاعبين لعدة أسباب يطول شرحها في الظرف الحالي”.
وأضاف “لكنني حاولت بكل ما في وسعي إيجاد الحلول المناسبة وتجاوز الصعوبات وتحقيق أفضل ما يمكن من النتائج، لبيت نداء الواجب عندما احتاجني فريقي في فترة صعبة في نهاية الموسم الماضي، والحمد لله نجحنا في أشياء وأخفقنا في أخرى”.
وتابع معلول “تغليبا لمصلحة فريقي الترجي التونسي قررت الانسحاب وتقديم استقالتي لرئيس النادي، وأدعو كافة الجماهير الترجية إلى مواصلة دعم اللاعبين في بقية المشوار، في البطولة والكأس ودوري الأبطال”.
ولم تعلق إدارة الترجي رسميا على استقالة معلول، لكن حملة الغضب تواصلت في أوساط مشجعي النادي، إذ طالب عدد من المشجعين بفسخ عقود كل أعضاء الجهاز الفني، فضلا عن إلغاء عقود عدد من اللاعبين الذين ثبت عجزهم عن تقديم الإضافة للنادي رغم تتالي الفرص التي أتيحت لهم.
وتولى نبيل معلول (61 عاما) تدريب الترجي في يونيو/حزيران الماضي، ونجح في قيادته للتتويج بلقب الدوري المحلي، وذلك للمرة الـ32 في تاريخه والسادسة على التوالي، كما قاده هذا الموسم إلى نهائي كأس تونس ولنصف نهائي دوري أبطال أفريقيا، لكن سوء النتائج وتراجع الأداء فضلا عن الهزيمة الثقيلة أمام الأهلي أججت غضب الجماهير وأجبرت المدرب على الاستقالة.
وسبق لمعلول أن قاد الترجي للفوز بدوري أبطال أفريقيا عام 2011 بعد انتصاره على الوداد المغربي، وبلغ معه نهائي النسخة التالية (2012)، لكنه خسر اللقب أمام الأهلي المصري.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.