من الألغام إلى إنستغرام.. كيف تغيّر مشروع هيئة تحرير الشام؟


“ارجعوا لمنازلكم آمنين، ما حدث لن يتكرر مرة أخرى”

– أبو محمد الجولاني متحدثا إلى أهالي قتلى احتفالات عيد النوروز

محاطا بحرسه الخاص، وصل “أبو محمد الجولاني”، زعيم هيئة تحرير الشام، إلى منطقة جنديرس بريف حلب شمالي سوريا يوم الثلاثاء 22 مارس/آذار المنصرم بعد هجوم شنَّه مسلحون استهدفوا مدنيين أكراد كانوا يحتفلون بعيد “النوروز”، وأوقع 5 قتلى. وقد أراد الجولاني في هذه الزيارة الظهور بمظهر الرجل القوي القادر على حماية الأهالي الذين يشتكون من الفصائل المتناحرة، والذين دفنوا ذويهم وسط حماية من مقاتلي هيئة تحرير الشام بعد شكوى وجهوها إلى زعيم الهيئة لحمايتهم من الجناة.

 

في جوهرها، تتجاوز هذه الزيارة طبيعتها الرمزية، كاشفة ملامح مشهد سياسي جديد يحاول فيه الجولاني، رجل القاعدة السابق في سوريا، لعب دور أشبه ما يكون بـ”رئيس لدولة فعلية صغيرة” في شمال سوريا، يتكون شعبها من سكان من مختلف الطوائف والأعراق والأديان والتوجهات وتخضع أراضيها فعليا لحماية مؤقتة من بطش الأسد وحلفائه، وهو تحول كبير لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، ليس في مسيرة الجولاني وحده، ولكن في طبيعة “المشروع” الذي تتبناه هيئة تحرير الشام نفسها.

 

“النصرة” أولا.. ثم “الفتح” و”التحرير”

بعد اندلاع الثورة السورية مباشرة، لم تكن التنظيمات الإسلامية المسلحة مهتمة كثيرا بهذا الحدث، وذلك لأن الاحتجاجات سارت في مسار سلمي في بدايتها كما هو الحال في مصر وتونس، حيث رفعت الثورة عددا من الشعارات المُطالِبة بالحرية والديمقراطية. ولكن بعد الرد الدموي والعنيف من نظام بشار الأسد، توجَّه العديد من الثوار السوريين لرفع السلاح دفاعا عن أنفسهم ضد مجازر النظام وحلفائه، وهنا التقت الثورة بهذه التنظيمات من بوابة رفع السلاح، فانتقل المقاتلون أصحاب التوجه الإسلامي من مكون غير مرغوب فيه إلى مُكوِّن مرحب به بالنظر إلى خبرته القتالية.

 

إثر هذا التحول، نشأت الفصائل المختلفة التي رفعت السلاح تحت شعار “محاربة الأسد”، وظهرت في وسط هذه الفصائل جبهة النصرة في عام 2011 بوصفها فرعا لتنظيم الدولة الإسلامية الذي أخذ ينشط في العراق تحت إمرة القاعدة. ولكن بحلول منتصف العام 2013، وقع الشقاق وانفصلت الجبهة عن تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق، وأعلنت البيعة لأيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، دون غيره، قبل أن تتفاقم الخلافات لاحقا بين تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية ويتأسس على إثر ذلك تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” كتنظيم مستقل تماما عن القاعدة.

 

في غضون ثلاث سنوات بعد ذلك، أعلن الجولاني الانفصال الكامل عن القاعدة، وغيَّر اسم تنظيمه إلى “جبهة فتح الشام”، التي سرعان ما اندمجت مع عدد من الفصائل المسلحة، مثل حركة “نور الدين الزنكي” و”لواء الحق” و”جبهة أنصار الدين” و”أنصار السنة”، مُشكِّلة “هئية تحرير الشام” في 28 يناير/كانون الثاني 2017.

صورة الجولاني كما بثتها مؤسسة المنارة البيضاء التابعة لجبهة النصرة
صورة الجولاني كما بثتها مؤسسة المنارة البيضاء التابعة لجبهة النصرة.

اختار مؤسسو الهيئة هاشم الشيخ (أبو جابر)، زعيم حركة أحرار الشام السابق، لقيادة هذا التشكيل الجديد، غير أن هذه الزعامة الرسمية أخفت وراءها رجلا آخر لم يَقِل نفوذا عن “الشيخ”، وهو أبو محمد الجولاني، صاحب الحضور العسكري الكبير، والذي تولّى القيادة كاملة في أكتوبر/تشرين الأول 2017. وقد لعب الجولاني منذ ظهوره دورا محوريا في الصراع السوري، وتمكَّن من نسج علاقات قوية مع مختلف الفاعلين المحليين، سواء أولئك الذين يشاركونه الفكر نفسه، أو غيرهم ممن تجمعه بهم “المصلحة التكتيكية”. ورغم ميل العديد من الفصائل التي شكَّلت الهيئة إلى السلفية العِلمية والتعبدية، فإن هذا التوجه اختلط بالصبغة “الجهادية” المتمحورة حول مواجهة الطاغية ممثلا في شخص بشار الأسد، فضلا عن خطاب “الجهاد العالمي” الذي نلمسه عند تنظيمي القاعدة والدولة.

 

فرغم الخلاف الكبير للجولاني مع تنظيم الدولة، إلا أن الرجل استلهم شيئا من خط أبو مصعب الزرقاوي، الأب الروحي للتنظيم، وشرع في بناء مشروعه الخاص المتمايز عن أهداف القاعدة في سوريا، ولذا فإن الطلاق بينهما بات ضرورة لا مفر منها. وقد غيَّر الجولاني من أهدافه بعد إعلان إنشاء جبهة فتح الشام، وتغيَّرت تحركاته إلى إستراتيجية بعيدة الأمد بدلا من التكتيكات المؤقتة، وتغلغل الرجل في المشهد الأمني والعسكري السوري أكثر من ذي قبل، وسرعان ما بدأ يلعب دورا يتجاوز الشق العسكري، مؤسسا جهازا موازيا لضبط الأمور الإدارية المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام.

 

حلم الدولة و”وصمة التطرُّف”

عملت هيئة تحرير الشام على تطوير نظام خاص بها، وحاولت -ولا تزال- إنشاء “دولة” تحكم مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرتها الأمنية والاجتماعية. وقد خرج الجولاني بخمسة خطابات في تموز/يوليو الماضي بينت مراميه تلك وواكبت عددا من تحرُّكاته، مثل اجتماعه بمجلس الوزراء في “حكومة الإنقاذ السورية”، وافتتاحه مشروعا لضخ المياه من عين الزرقاء إلى سهل الروج.

 

خلال هذه الخطابات، طرح الجولاني تفاصيل جديدة حول رؤيته، وكذا حول خطط هيئة تحرير الشام لتطوير المناطق التي تسيطر عليها بشكل أفضل. وكان أحد أكثر الاقتراحات التي طرحها إثارة هو مقترح لربط الأراضي التي تسيطر عليها الهيئة بالعالم الخارجي، وبالتالي ربط نظام “هيئة تحرير الشام” بالاقتصاد العالمي. ويهدف الجولاني من وراء كل ذلك، وفق قوله، إلى “بناء مجتمع يستطيع القيام بنفسه وحماية ذاته دون أن يتعرَّض للابتزاز عن طريق المساعدات أو المفاوضات الدولية التي تعمل على إذلال الشعب السوري في أحيان كثيرة”.

Islamist rebels from Hayat Tahrir al-Sham stand near a group of fighters loyal to President Bashar al Assad who are evacuated from the villages of al-Foua and Kefraya, Syria July 19, 2018. REUTERS/Khalil Ashawi
فرضت هيئة تحرير الشام نفسها على الأرض بوصفها أقوى الفصائل في شمال غرب سوريا، وأظهرت تعاملا براغماتيا مع الفصائل المخالفة لها، وهو تعامل تأرجح ما بين السلمية التفاوضية والقمع العنيف. (رويترز)

وفق ما هو مُعلن، تعمل هيئة تحرير الشام في بنائها لـ”دولتها” على العديد من المحاور: أولها الزراعة، عبر تطوير إستراتيجية تفيد المزارعين وتحقق الأمن الغذائي مع إمكانية تصدير الفائض. وثانيها الصناعة، عبر تسهيل القوانين لتنمية الصناعة في إدلب وتطوير البيئة المناسبة لها بتوفير الخدمات الفنية والكهرباء وإدارة العقارات. وثالثها توفير الخدمات العامة، ومنها تنظيف الشوارع وإزالة القمامة وتوفير الكهرباء، وهو ما يتم التسويق له باستمرار. علاوة على ذلك، يُمنَح هامش من الحرية للمدنيين الذين ينتقدون الأوضاع الاجتماعية والخَدَمية في هذه المنطقة، حيث أظهرت الكاميرات في عدد من المناسبات الجولاني وهو يحاور الناس في الشارع للاستماع إلى شكاويهم. أما على الصعيد العسكري، فتحلم الهيئة بإنشاء وزارة دفاع متكاملة وإنشاء كلية عسكرية يشرف عليها “خيرة الضباط المنشقين”، مع الابتعاد عن نموذج الفصائل العسكرية في التنظيم، والاقتراب من نموذج “الجيش النظامي”.

 

لا يشمل مشروع إنشاء “دولة الجولاني” السياسات المحلية مثل تنظيف الشوارع وتوفير الكهرباء والاكتفاء الغذائي فحسب، لكنه يمر أيضا بعقبات كبيرة أبرزها التخلُّص من المنافسين، وعلى رأسهم تنظيم الدولة الإسلامية، ثم الحصول على الاعتراف الدولي. وتعود تلك المسيرة إلى مارس/آذار 2015، حينما سيطرت المعارضة المسلحة بقيادة جبهة النصرة على مدينة إدلب، ثم توغلت في العمق السوري قبل أن يقمع التدخل الروسي هذا التوغل. وقد فرَّ المقاتلون الذين رفضوا الاستسلام والمدنيون الفارون من قصف التحالف لتنظيم الدولة إلى إدلب ومحيطها، مُنضمّين بذلك إلى المُهجَّرين الذين وصلوا إلى المنطقة قبل ذلك، حتى باتت هناك كُتلة مُعتبرة تمثل جزءا من الشعب السوري في تلك المنطقة.

 

فرضت هيئة تحرير الشام نفسها على الأرض بوصفها أقوى الفصائل في شمال غرب سوريا، وأظهرت تعاملا براغماتيا مع الفصائل المخالفة لها، وهو تعامل تأرجح ما بين السلمية التفاوضية والقمع العنيف. في البداية لم تكن هيئة تحرير الشام تعتبر الفصائل الإسلامية الأصغر من خصومها، بل تحالفت معها لمواجهة هجمات نظام الأسد وحلفائه. ولكن في عام 2020، وبعد توقف القتال مع الأسد، وجَّهت هيئة تحرير الشام نيرانها نحو الفصائل التي رأت أنها تشكل خطرا عليها، مثل جماعة حراس الدين التابعة للقاعدة، والتي تتكون من قادة سابقين داخل جبهة النصرة رأوا أن سلوك رجال الجولاني “يرقى إلى الكفر” وإن لم يُكفروه مباشرة مثلما فعلت فتاوى تنظيم الدولة.

 

استهدفت هيئة تحرير الشام بعد ذلك جماعات أخرى رفضت سيطرتها، وشرعت في تفكيك عدد من الجماعات الإسلامية المسلحة، مثل فرقة “غرباء” التي تزعَّمها الفرنسي “عمر أومسن”، وجماعة “جند الشام” بزعامة الشيشاني “مراد مارغوشفيلي”. ولم يكن قمع هذه الجماعات الصغيرة سوى مُقبِّلات للمواجهة الأهم والأعنف، التي جمعت هيئة الجولاني وتنظيم الدولة، فرغم خفوت تألق التنظيم، شكَّلت الشبكات السرية لتنظيم الدولة تحديا حقيقيا للجولاني ورفاقه، حيث استفاد التنظيم من غياب التنسيق بين الأطراف التي اتفقت على محاربته.

 

تقول بعض الروايات إن مقاتلي تنظيم الدولة، وبعد محاصرتهم في شرق حماة من طرف نظام الأسد في أكتوبر/تشرين الأول 2017، عقدوا اتفاقا مع الأخير للسماح لهم بالتوجه نحو جنوب شرق إدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، على أن يقوم التنظيم بالهجوم على فصيل الجولاني قبيل هجوم كاسح من القوات النظامية. ولكن بعد انتهاء المعارك، لم تتوجه هيئة تحرير الشام نحو خلايا تنظيم الدولة فحسب، بل صوَّبت بنادقها نحو فصائل المعارضة وفي مقدمتهم “أحرار الشام”، قبل أن تتحول في مايو/أيار 2018 إلى تتبُّع أفراد تنظبم الدولة بشن الغارات على البيوت الآمنة للتنظيم، ومنعه من التجنيد، ونشر مجموعة مقاطع تُبيِّن اعتقال مقاتليه. ورغم استمرار المواجهة، فإن هيئة تحرير الشام فشلت في القضاء على مقاتلي التنظيم عسكريا بصورة نهائية، ومن ثَمّ عملت على صياغة خطاب ديني مناهض لهم مع مراقبة المساجد وعقد العديد من الدورات بهدف “خلق مناعة منهجية اجتماعية ضد أفكار تنظيم الدولة”.

 

رضا الغرب.. غاية تُدرك

ببراغماتية شديدة، فهمت حركة تحرير الشام أن لعب أي دور سياسي في سوريا الغد يتطلب قدرا من رضا الدول الغربية، ولذا حاولت الهيئة النأي بنفسها عن “الحركة الجهادية العالمية” عبر تقديم نفسها على أنها حركة سورية وطنية تهتم بالشأن السوري فقط، وترغب في تأسيس العلاقات مع الدول المجاورة والقوى الدولية. وتعوِّل الهيئة على التفهم الإقليمي لدورها الجديد في المنطقة، خاصة من قبل تركيا. وتذكر بعض المصادر أن المسؤولين الأتراك باتوا يعتقدون أن حضور الهيئة في تلك المنطقة قد يساعد على احتواء المسلحين الإسلاميين “الأكثر تشددا”، والقضاء عليهم، بمن في ذلك مقاتلي تنظيم الدولة.

 

ورغم ذلك، لا ترى الدول الغربية في هيئة تحرير الشام، حتى الآن على الأقل، حليفا محتملا، إذ يشكل ارتباطها السابق بتنظيم الدولة، وولاؤها حتى الأمس القريب للقاعدة، من وجهة نظرها دليلا على أن التغيير الذي يحاول الجولاني التسويق له تغيير تكتيكي ليس إلا، ومن ثَمّ يعتقد بعض صناع القرار في الغرب إمكانية أن تعود الهيئة إلى نهجها القديم، أو على الأقل أن تسمح للمسلحين بالبقاء في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بحيث يصبح الشمال السوري ملاذا آمنا يمكّن أفراد تنظيم الدولة والقاعدة من إعادة تنظيم صفوفهم وتنفيذ هجمات على المصالح الغربية.

 

من جهته، يواصل الجولاني محاولاته لنفي وصمة “الإرهاب والتطرف” الملتصقة بهيئة تحرير الشام، إذ أنشأ وكالة “إباء” الإعلامية بواسطة فريق إعلامي يُسوق لسياسات الهيئة وإنجازاتها عبر قنوات تطبيق تيليجرام المنتشر في الشمال السوري والمناطق “المحررة”، كما استعمل الفصيل مواقع التواصل الاجتماعي في تسويق بعض الموجزات عن المدن والقرى القريبة من إدلب، إذ تتحدث هذه الموجزات عن المواقع التاريخية في كل منطقة، وأهم الأحداث التي شهدتها عبر التاريخ، مع تفاصيل دورها في الثورة السورية.

Islamist rebels from Hayat Tahrir al-Sham are seen outside the villages of al-Foua and Kefraya, Syria July 18, 2018. REUTERS/Khalil Ashawi
يعلم الجولاني ومن معه أن رسائله لتحسين الشكل وبث الطمأنينة، لن تكون كافية بالنسبة للقوى الغربية، فميزان القوة والبراغماتية وحدهما يرجحان كفة طرف على حساب آخر. (رويترز)

في الوقت نفسه، يبدي الجولاني رغبته في الانفتاح على الأديان والطوائف الأخرى في سوريا، فقد أعادت الهيئة فتح كنيسة بلدة اليعقوبية في منطقة جسر الشغور بمحافظة إدلب في أغسطس/آب الماضي، وعُقِد فيها أول قداس منذ قيام الثورة في عام 2011، ما أثار ردود فعل غاضبة من بعض المعارضين “الأشد تشددا”. وقد جاء رد هيئة الشام في بيان قالت فيه: “إن سكان بلدات غرب إدلب الذين يعتنقون الديانة المسيحية جزء من المجتمع لهم حقوقهم من العيش في بيوتهم ويمارسون أعمالهم وأنشطتهم منذ بداية الثورة وينعمون بالأمن، وعليهم واجبات أبرزها عدم الاصطفاف إلى جانب النظام وإعانته، والالتزام بالسياسة العامة في المناطق المحررة”.

 

يحاول الجولاني، من خلال هذه الخطوات، إرسال رسائل مباشرة للغرب، ولعل أبرز هذه الرسائل ما جاء في المقابلة الصحفية لزعيم هيئة تحرير الشام مع الصحفي الأميركي “مارتن سميث” في أبريل/نيسان 2021، حين خرج الجولاني ببدلة عصرية بعيدة كل البعد عن الزي العسكري الذي ظهر به في المقابلات السابقة له. وأرسل الجولاني رسائل مباشرة إلى المجتمع الدولي مُحتجّا على إدراج تنظيمه على قائمة التنظيمات الإرهابية، ونافيا بشدة رغبته في محاربة الولايات المتحدة وأوروبا. وأكد الجولاني في اللقاء نفسه أن مقاتلي هيئة تحرير الشام لم يترددوا في مواجهة تنظيم الدولة عسكريا بعد خروج الأخير عن المسار الصحيح، نافيا في الوقت نفسه أيَّ تُهَم بالتعذيب في السجون بواسطة رجاله. ومن قبل الجولاني، خرج “عبد الرحمن عطون”، الشرعي العام لهيئة تحرير الشام، بتصريح لصحيفة “لو تِمب” السويسرية نافيا أن يكون التنظيم خطرا على الغرب، ومطالبا بالسماح بدخول المساعدات إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة، والوقوف مع القوى الأخيرة الباقية في مواجهة بشار الأسد.

 

يعلم الجولاني ومن معه أن هذه الرسائل، وإن كانت تهدف إلى تحسين الشكل وبث الطمأنينة، لن تكون كافية بالنسبة للقوى الغربية، ولذلك قد تُعوِّل هيئة تحرير الشام على خوف الدول الغربية من إعادة إحياء مشروع تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، لا سيّما أن التنظيم أثبت قدرته على البقاء رغم الضربات التي تلقاها، كما أن مراقبته داخل الأراضي السورية أضحت صعبة ومقيدة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمناطق خارج الشمال الشرقي السوري.

 

من جهة أخرى، تخشى أوروبا من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته روسيا وتركيا، لأن ذلك يعني أفواجا جديدة من المهاجرين، الذين يقفون على أسوار القارة العجوز مطالبين بالخبز والسقف وحقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق الدولية. ولكل هذه الأسباب وغيرها، تتكاتف أمنيات الجولاني ورجاله في أن يصلوا إلى نموذج يحظى بنوع من القبول وشطر من الاعتراف الدولي، أسوة ربما بتجربة حركة طالبان التي عادت مجددا إلى حكم أفغانستان، واضطر الغرب إلى التعامل معها، بمستويات متفاوتة من القبول، بحكم الواقع في نهاية المطاف.




اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post سعر اليورو اليوم الجمعة 28-4-2023 أمام الجنيه فى البنوك المصرية
Next post لأول مرة منذ 30 عاماً.. فرنسا تستضيف أول بطولة اسكواش فى الموسم المقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading