ما قبل المعركة.. هل فاز غوارديولا بدوري الأبطال بالفعل؟


أهلا بك، سنحافظ على عادتنا المفضلة ونلتقي مجددا مع حسن بلتاجي وأحمد وليد، وهما اثنان من ألمع العقول العربية في تحليل كرة القدم، وحلقة جديدة من سلسلة “ما قبل الحرب” للحديث عن توقعاتهما لسير نهائي دوري أبطال أوروبا هذا العام، ومحاولة الاشتباك مع فيل الغرفة بالتعبير الإنجليزي الشهير: “هل فاز غوارديولا ومانشستر سيتي بالمباراة بالفعل، أم أن كرة القدم تعد لنا مفاجأة أخرى؟”.

نذكرك بأن حسن بلتاجي هو مدرب الأكاديمية السابق في بوروسيا دورتموند وباريس سان جيرمان، وعضو فريق التحليل السابق للمنتخب الألماني، ويبدأ حاليا مسيرته التدريبية في نادي تِنِس بروسيا برلين في الدرجة الرابعة الألمانية، بينما يشغل أحمد وليد موقع المحرر التكتيكي في موقع “ذي أثلتيك” (The Athletic) الشهير، ويكتب عدة تقارير وتحليلات أسبوعية عن مختلف التفاصيل الفنية، مثل تلك التي سنناقشها اليوم.

يمكنك متابعة الحلقات الماضية من هذه السلسلة عبر الروابط المرفقة (1) (2). أما الآن، فدعنا نبدأ لأن الثنائي لديه الكثير ليقوله.

“أحمد وليد” المدوِّن والمحلل التكتيكي (يمين) و”حسن بلتاجي” مدرب الأكاديمية السابق في بوروسيا دورتموند وباريس سان جيرمان، وعضو فريق التحليل السابق للمنتخب الألماني. (مواقع التواصل)

بعد الترحيب والشكر على تجدد اللقاء، نوجه سؤالنا الأول -المتوقع- عن التوقعات.. هل توقعتما طرفي النهائي أو أحدهما على الأقل؟ ولماذا؟

يفاجئنا حسن بقوله إنه توقع عبور سيتي لبايرن ميونيخ حتى قبل أن يُطاح بناغلزمان من المقعد الفني، مع تأكيده أن توخيل أعد للمباراة بشكل جيد وكان مرشحا أقوى من سلفه في مواجهة الكتالوني.

“هناك مساران، الأول هو مسار سيتي، وبما أن ريال مدريد كان في طريقه فمن الصعب توقع أي شيء. كنت أرى سيتي الفريق الأفضل، وكنت متأكدا من تقديمه لمباراة كبيرة ضد الميرينغي حتى لو فاز الأخير في النهاية.

في المسار الثاني كان إنتر هو المفاجأة الكبرى بالنسبة لي. في كل مباراة توقعت أن يفوز خصومه سواء ميلان أو بنفيكا من قبله. إنتر فريق جيد ولكنني كنت أرى الباقين أفضل، وبصراحة توقعت أن يصل نابولي إلى النهائي لأن كل خصومه في هذا المسار كانوا في المتناول”.

وليد أيضا توقع وصول سيتي، وسبب توقعه لحظة فاصلة في الموسم؛ مباراة العودة ضد لايبتسِتش بدوري الأبطال والفوز الكبير بسباعية نظيفة.

ألبرت سامبي لوكونغا (يسار) من كريستال بالاس يواجه برناردو سيلفا من مانشستر سيتي خلال مباراة الدوري الإنجليزي الممتاز بين كريستال بالاس ومانشستر سيتي. (غيتي)

قبل تلك المباراة كان سيتي قد واجه مشكلة في نظام ضغط كريستال بالاس بمباراة الدوري، عندما قام كلٌّ من جيفري شلوب وسامبي لوكونغا برقابة ثنائية العمق الهجومية، برناردو سيلفا وغوندوغان، بنظام رجل لرجل، لمحاولة تعطيل تقدم سيتي بالكرة، وحينها قرر غوارديولا الاعتماد على ثنائية المحور، ستونز ورودري، في حمل الكرة والتقدم بها، وأتى الهدف من لعبة مرتبطة بتلك الفكرة.

“في رأيي، كانت تلك هي المرحلة التي وصل عندها سيتي إلى القدرة على الفوز حتى دون أن يقدم المباراة التي يفضلها، وهي مزية كان يفتقدها بشدة في المباريات الحاسمة من دوري الأبطال.

بالنسبة للمسار الثاني فلم أتخيل فريقا بعينه في النهائي؛ الجميع يركز على أعمار فريق إنتر، وافتقاده للجودة الكافية في بعض المراكز، ولكن ما لا يقال بما يكفي هو حقيقة أن لاعبيه مخضرمون ومتمرّسون، ويعملون تحت قيادة مدرب متخصص في مباريات الكؤوس”.

“في رأيي، لو كان للفريقان أن يلعبا 7 مباريات لأجل الكأس، مثلما يحدث في مباريات الدوري الأميركي للسلة (NBA)، فإن سيتي سيفوز باللقب قطعا، ولكن في مباراة واحدة فقط يمكن لإنزاغي أن يفاجئ سيتي”.

حسنا، هذا يقودنا إلى السؤال التالي: ما رأيكما في مشوار كل فريق في البطولة باختصار؟

رغم أن تحركات موسيالا وغنابري كانت تُسبِّب لسيتي عددا من المشكلات، لكن كان رباعي الدفاع، أكانجي وستونز ودياش وآكي، بقيادة رودري يتعاملون مع سرعات ومهارات مهاجمي بايرن بحكمة وقوة. (غيتي)

وليد يكمل إجابته على النهج ذاته، ببساطة لأن مشكلات ومزايا سيتي التكتيكية في الدوري كانت مقاربة لمشكلاته ومزاياه في دوري الأبطال.

“سيتي مر من دور المجموعات بلا مشكلات كبيرة، ربما باستثناء عجزه عن اختراق دورتموند، وهو أمر مشابه لما كان يحدث ببعض مباريات الدوري، ولكن ضد لايبتسِتش كان أهم ما جلب له الفوز في مباراة العودة هو أسلوب الضغط الاستثنائي الذي عجز الألمان عن مجاراته أثناء الحيازة. بالطبع النتيجة معبرة عن ذلك.

أمر مشابه تكرر ضد بايرن، بعد تغيير غوارديولا لنمط الضغط في الشوط الثاني من مباراة الذهاب انتهى اللقاء عمليا، رغم أن بايرن كان يقدم مباراة جيدة، وكانت تحركات موسيالا وغنابري تُسبِّب لسيتي عددا من المشكلات، ولكن حتى في اللحظات الصعبة في المباراة، كان رباعي الدفاع، أكانجي وستونز ودياش وآكي، بقيادة رودري المتكامل، يفوزون بأصعب الثنائيات ويتعاملون مع سرعات ومهارات مهاجمي بايرن بحكمة وقوة في الوقت ذاته، وفي رأيي هم أبطال الموسم الحقيقيون.

في الواقع، اخترت آكي بوصفه جندي سيتي المجهول هذا الموسم في تصويت موقع “ذي أثلتيك” (The Athletic)، وأرى أن تحسنه المطرد منذ نهاية كأس العالم كان عاملا حاسما في موسم مانشستر سيتي.

توماس توخيل (يسار) مدرب فريق بايرن ميونيخ. (غيتي)

أما المباراة الثانية فلم تكن من أفضل مباريات سيتي في النصف الثاني من الموسم؛ توخيل أعدَّ فريقه جيدا وسبَّب الكثير من المشكلات لسيتي، ولكن وجود هالاند في مثل تلك المباريات يمنح سيتي القدرة على التسجيل في التحولات، وهي مزية أخرى لم يكن سيتي يمتلكها بتلك الفاعلية فيما سبق، ولكن كل ما سبق لا يُقارَن بعرض سيتي ضد حامل اللقب في مباراة العودة، الذي قد يكون أفضل مباراة رأيتها للفريق تحت قيادة غوارديولا. باختصار؛ كل شيء تم كما أرادوا بالضبط!”.

وليد رغم كونه مشجعا عتيدا لمانشستر يونايتد، فإن بإمكانه الحديث عن سيتي غوارديولا لأيام، ولا يبدو أن الاختصار من الأمور التي يُجيدها، وهنا يتدخل حسن بحديثه عن مشوار إنتر في البطولة:

“يمكننا اعتبار وصول إنتر إلى النهائي أشبه بالولادة المتعسرة. هذه عبارة ظاهرها الذم ولكن باطنها المدح؛ إنتر يدخل المباراة بدوافع استثنائية وأعصاب أهدأ، ببساطة لأنه لا أحد سيلومه على الخسارة ممن يعتبره الكثيرون أفضل فِرَق أوروبا حاليا.

الأهم أن أسلحة الفريق، على قلتها، صعبة الإيقاف. عدد لا بأس به من المباريات انتهى بتسديدات بعيدة من مخيتاريان أو هاكان، بجمل تكتيكية بسيطة تضمنت تحميلا زائدا على أحد الأطراف لتفريغ المساحة أمام منطقة الجزاء تمهيدا للتسديدة. أيضا الكرات الثابتة كان لها دور كبير في الإجهاز على بنفيكا في مباراة الذهاب وتصعيب العودة عليه. هذه أسلحة يصعب توقعها أو إيقافها، إن أضفت إلى ذلك حالة لاوتارو الفنية الرائعة منذ كأس العالم، على عكس حالته أثناء كأس العالم ذاته، فلن يكون من المستحيل أن يفاجئ إنتر سيتي، خاصة أنه بمجرد تقدُّمه في النتيجة سنصبح أمام مباراة أخرى.

في الوقت ذاته، لم يقابل إنتر أي فريق يقترب من مستوى سيتي في البطولة، ربما باستثناء بايرن الذي تفوَّق عليه تكتيكيا في مجموع المباراتين بقيادة ناغلزمان المُقال”.

بمناسبة “المباراة الأخرى” التي سنصبح أمامها بمجرد تقدم إنتر.. هل تتوقعان أن تنحصر أغلب أوقات المباراة في مرحلة تكتيكية واحدة؛ دفاع متأخر من إنتر مقابل تحضير في الثلث الأخير من سيتي؟

يرى أحمد وليد أن سيتي أصبح قادرا على إيذاء خصومه بسرعة هالاند في التحولات كما أشار بيب أكثر من مرة في المؤتمرات الصحفية السابقة. (رويترز)

“السؤال الحقيقي هو: لماذا قد يتوقع أي شخص أن يركن إنتر للدفاع أصلا؟!”.

يبدو أن حسن مصمم على مفاجأتنا بإجاباته اليوم. نطلب المزيد من التوضيح.

“دعنا نعد لمباراة إنتر وليفربول في النسخة الماضية من البطولة نفسها؛ المباراة لُعبت بالكامل في مرحلة واحدة فعلا، ولكنها كانت نقيض ما يتوقعه الكثيرون، الفريقان استمرا في الضغط العالي طوال التسعين دقيقة تقريبا، وأتوقع مباراة مشابهة.

فكِّر في الأمر؛ لم يُعانِ سيتي طوال الموسم مثلما عانى في مباراتي أرسنال ونيوكاسل بالدور الأول من البريميرليغ هذا الموسم. كان هذا لسبب واضح بسيط؛ اعتماد الفريقين على الضغط العالي المنظم طوال المباراة، وبأنماط بها قدر من المخاطرة المحسوبة تميل أحيانا إلى رقابة رجل لرجل، وهي تقنية يجيدها إنتر إنزاغي بشدة، فلماذا لا يفاجئ سيتي بيب بالفكرة ذاتها، خاصة أنه لا يملك ما يخسره؟!

الأهم أن إنتر يُجيد مراحل البناء والخروج بالكرة ويملك العديد من الأفكار والتنويعات التي تصعب مهمة الضغط على سيتي؛ أحيانا يخرج باستوني للطرف وكأنه ظهير ثم يُستخدم لسياقة الكرة للأمام، وفي أحيان أخرى يهبط لاعب المحور -غالبا هاكان- ليتحول خط الدفاع الثلاثي إلى رباعي، وهذا يمنحهم لاعبا إضافيا حرا، بالإضافة إلى قدرات كلٍّ من دجيكو ولاوتارو على استلام التمريرات العمودية تحت ضغط”.

وليد يتفق جزئيا مع حسن هنا؛ يدرك أن المرحلة الأكثر تكرارا في المباراة قد تكون محاولات سيتي لاختراق تكتل إنتر، ولكنه لا يعتقد أن المباراة ستنحصر فيها، ويضيف إليها مرحلة بناء اللعب عند إنتر مقابل ضغط سيتي، مشيرا إلى ذكاء هالاند وغريليتش في الضغط، وتحديدا الأول، الذي قد يفسره لعبه لسالزبورغ ودورتموند في السابق، كما يوافق حسن في حقيقة امتلاك إنتر تنويعات تكتيكية كبيرة في أشكال البناء وأنماطه، ويعتقد أيضا أن التحولات سيكون لها دور في المباراة، خاصة أنها لن تكون من طرف واحد، لأن سيتي أصبح قادرا على إيذاء خصومه بسرعة هالاند في التحولات كما أشار بيب أكثر من مرة في المؤتمرات الصحفية السابقة.

والآن مع التوقع الأهم، والمفاجأة التي تكررت حتى لم تعد مفاجأة أصلا.. هل يبالغ بيب في التحضير كما تقول الأسطورة فينتهي به الأمر إلى ارتكاب خطأ بديهي مثلما حدث في العديد من مباريات الأبطال بالسابق، وليكن التخلي عن رسم 3-2-2-3 الذي اعتمد عليه طوال النصف الثاني من الموسم؟

بيب غوارديولا (رويترز)

وليد لا يعتقد ذلك، بل يعتقد أن سيتي وصل إلى درجة من الاستقرار، وحالة فنية استثنائية، تجعل العكس أقرب للحدوث؛ بيب سيفكر طويلا قبل أن يغير أي شيء.

“أعتقد أن غوارديولا سيبدأ بالشكل ذاته في الضغط معتمدا على 4-4-2 بدون الكرة، التي طبقها في أكثر المباريات الناجحة هذا الموسم. ربما تتغير حِدَّة الضغط أو نمطه بناء على اللاعب الذي يريد اصطياده أو تحريره في دفاع الخصم، ولكن عموما لا أتوقع مفاجآت في الضغط.

أما بالكرة، فهناك قدر بسيط من السيولة يستخدمه غوارديولا في بعض المباريات؛ الهيكل العام هو 3-2-2-3 أو 3-2-4-1، ولكن قد يجهز غوندوغان للهبوط والمشاركة في بناء اللعب من الخلف، أو يضم ستونز إلى خط الدفاع ويتحول إلى 4-2-3-1 كما فعل ضد أرسنال، ولكن مرة أخرى، لا توقعات بتغيير جذري في الهيكل”.

حسن يفاجئنا -مرة أخرى- بتوقعه تغيير بيب للرسم التكتيكي، ويؤكد أن تلك لن تكون مفاجأة، لسبب بسيط واضح هو أنه فعلها ضد كل الفرق التي تلعب بخط دفاع ثلاثي.

“التغيير الرئيس المتوقع هو أن يضحي غوارديولا بأحد لاعبي الوسط، وليكن ستونز مثلا، لحساب إضافة خوليان ألفاريز في الهجوم رفقة هالاند، ليتحول الشكل إلى 3-2-3-2 مثلا، بوجود غوندوغان بجوار رودري أمام المدافعين الثلاثة، يتقدمهما دي بروين والجناحان، ثم ثنائي هجومي من النرويجي والأرجنتيني”.

 

بيب غوارديولا وخوليان ألفاريز (رويترز)

السؤال هو لماذا قد يفعل بيب ذلك؟

“لأن هذا هو ما فعله ضد توتنهام، وضد بورنموث، وضد أغلب الفرق التي واجهها وكانت تلعب بثلاثي خلفي؛ هذا يساعده على تثبيت دفاع الخصوم في مواقع متأخرة، وحرمانهم من الخروج لاصطياد دي بروين أو غوندوغان مبكرا، وكلاهما لا يجيد التعامل مع المحاصرة البدنية.

أود أيضا أن أضيف أن هذا لن يكون مفاجأة. بصراحة؛ أنا أحاول استباق الأصوات التي ستخرج بمجرد إعلان التشكيل قائلة إن بيب أخل بنظامه، أو اخترع اختراعا جديدا، أو ألّف رسما تكتيكيا جديدا. بالعكس، هذا هو المتوقع لأن هذا هو ما فعله سابقا في المواقف المشابهة، بالإضافة إلى حقيقة أنه دائم التغيير طوال الموسم. فقط أغلب الناس لا يلاحظون ذلك إلا عندما يخسر!”.

هل هذا يجعل تلك أفضل نسخة شاهدتموها لمانشستر سيتي تحت قيادة غوارديولا؟ وإذا كانت الإجابة بلا، فما هي؟

تلمع عينا وليد بشدة وكأنه كان ينتظر هذا السؤال.

“حسنا، دعنا نقل أولا إن هناك ثلاث نسخ مختلفة لسيتي غوارديولا منذ قدومه في 2016؛ الأولى كانت في الفترة ما بين 2017-2019، وكان الاعتماد في تلك الفترة على 4-3-3 باستخدام دي بروين وديفيد سيلفا كساعدي وسط، وكانت تعتمد على لعبات مركبة على الأطراف بهدف إيصال سترلنغ وسانيه للخط، ووجود أغويرو الدائم داخل المنطقة. في المراحل الدفاعية، لم تكن هذه النسخة بأفضل حال.

النسخة الثانية كانت بعد تراجع الاعتماد على أغويرو واللجوء إلى اللامركزية في الهجوم. في رأيي كانت تلك هي أمتع نسخة هجومية لفريق رأيته؛ الديناميكية والحركة كانت شديدة الإثارة، ما بين تحولات كانسيلو للعمق، والاعتماد على مهاجم وهمي، وتنوع أدوار الأجنحة، والمرونة الشديدة في الأنماط الهجومية من مباراة إلى أخرى، لدرجة استئثار غوندوغان بحصيلة كبيرة من الأهداف بالنسبة للاعب وسط، وأخيرا، لأن تلك النسخة كذلك كانت متماسكة دفاعيا بقدوم دياش وتطور ستونز للمستوى المتوقع.

تفاعل غوارديولا مع سيرجيو أغويرو بعد استبداله بإيلكاي غوندوغان خلال مباراة الدوري الإنجليزي الممتاز بين مانشستر سيتي وأرسنال 2020. (غيتي)

هاتان النسختان كانتا تصنعان الفرص وتسجلان الأهداف بغزارة في أغلب المواقف، ولكنهما لم تمتلكا ما تمتلكه النسخة الحالية من صلابة دفاعية وقوة بدون الكرة. لذا أرى أن النسخة الحالية قادرة على التفوق على أي نسخة سابقة، حتى لو لم تكن الأمتع في وجهة نظري. الأهداف العجيبة التي كان يتقبلها هذا الفريق، خاصة في اللحظات الحاسمة، كانت تقلل كثيرا من قدرته على الإنجاز وتحقيق الألقاب. الآن مع رباعي دفاعي من الوحوش صار بإمكانهم التصدي للضغط في هذه اللحظات، والمرور بالفريق في العواصف الهجومية التي يشنها خصومهم أحيانا، وهذا هو ما يمنحهم الأفضلية في تلك المباريات، ليس فقط على المستوى الفني وصراعات الواحد ضد واحد، ولكن على المستوى الذهني والنفسي كذلك، لأنهم يمنعون انهيار الفريق بطريقة غير مباشرة”.

حسن يتفق مضيفا جزئية مهمة:

“النسخة الحالية هي أكثر نسخة تتقمص شخصية غوارديولا التكتيكية منذ بداية مسيرته، التي يمكن تلخيصها في اعتبار الأمان الأولوية، مُقدَّما على اعتبارات المخاطرة والرغبة في التقدم السريع وكسب الأرض على الخصم. وليد يصفها بنسخة “روبوتية” و”فعالة”، وأنا أتفق معه تماما. النسخ الماضية كانت أمتع بالتأكيد، ولكن النسخة الحالية أكثر تطورا، وأكثر قدرة على حصد الألقاب، وعموما لطالما كان تطور بيب التكتيكي مرتبطا بخصومه؛ كلما تطوروا، حاول التفوق عليهم، وهذا هو سبب استمراريته.

بيب يتعاقد مع أفضل لاعبي العالم ثم يطلب منهم مهام بسيطة بدائية تعتمد على مهارات الكرة الأوّلية. هذا هو ما يجعله قادرا على التفوق في الأساسيات”.

في تلك اللحظة يتدخل وليد ضاربا المثل بجاك غريليتش، الرجل الذي ينال الكثير من الإشادة والمدح الآن، لكنه في الوقت ذاته يقدم نسخة من نفسه لا علاقة لها بنسخة أستون فيلا؛ غريليش لم يعد المايسترو المزاجي المهاري الذي يراوغ كيفما شاء ويحمل الكرة للأمام ويخاطر بتسديدات شبه مستحيلة، بل على العكس، أصبح لاعبا شديد الالتزام بمهام محددة مقصورة على واجبات مركزه ضمن السياق التكتيكي العام، ويؤديها بكفاءة واستمرارية وثبات.

هذا يقودنا إلى السؤال الأخير: هل كل ما سبق يعني أن بيب فاز باللقب بالفعل؟

سيموني إنزاغي (Anadolu)

“إنزاغي ليس مدربا صغيرا، وهو يجيد اللعب أمام الفرق التي تُفضِّل مراحل الحيازة. في رأيي مشكلة بيب الرئيسية ستكون في كيفية الحفاظ على توازنه الدفاعي في ظل اللعب بثنائي هجومي لمواجهة ثلاثي إنتر الدفاعي”.

وليد يتفق مع حسن قائلا:

“هل تذكر عندما خرج دي بروين للإصابة في نهائي تشيلسي؟ لهذا لا أومن بالتوقعات في مثل هذه المباريات. غوارديولا يرغب في الفوز بدوري الأبطال وهذا واضح، لكني لا أومن بالمعادلات الصفرية في هذه الأمور. لا أومن بثنائية الفشل والنجاح، الأمر ذاته ينطبق على أرسنال هذا الموسم بالمناسبة”.

كالعادة، كان لقاء ممتعا مع الثنائي، الذي اتفق بدوره على أن مباراة نهائي كأس الاتحاد بين سيتي ويونايتد قد تساعد إنزاغي بإظهار بعض الحلول، أو قد تزيد من حيرته قبل اللقاء.

تُكتب هذه السطور قبل انطلاق تلك المباراة بساعات، والأكيد أن إنزاغي سيستحق الإشادة حتى لو خسر، وكذلك غوارديولا.

_____________________________________________

المصادر:

  1. ما قبل الحرب.. مَن ينتصر في معركة ليفربول وريال مدريد في دوري الأبطال؟ – الجزيرة
  2. ما قبل الحرب.. مَن ينتصر في معركة سيتي وتشيلسي في نهائي الأبطال؟ – الجزيرة

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post “المهندس أحمد حسين” مهندس ديكور ينطلق للعالمية
Next post الذكاء الاصطناعي خطر على البشرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading