لماذا اعتمدت تركيا أنقرة عاصمة بدلاً من إسطنبول؟

متابعات ينبوع العرفة:

عقب نهاية الحرب العالمية الأولى وقبول العثمانيين ببنود معاهدة سيفر عام 1920، عاشت تركيا على وقع حرب الاستقلال التي انتهت بانتصار مصطفى كمال أتاتورك ورفاقه القوميين الأتراك. وعقب هذا النصر، اتجه أتاتورك لإنهاء وجود الدولة العثمانية فعمد، رفقة البرلمان التركي، لعزل محمد السادس، آخر السلاطين العثمانيين، تزامنا مع إلغائه للدولة العثمانية والخلافة وإعلانه عن قيام جمهورية تركيا يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1923.

من جهة ثانية، أرسى أتاتورك جملة من الإصلاحات للقطع مع الماضي العثماني، وفي خضم هذه الإصلاحات، اتجه الأخير لتغيير العاصمة من القسطنطينية، إسطنبول لاحقا، لأنقرة.

صورة من ضواحي أنقرة عام 1920

تاريخ أنقرة القديم

وتاريخيا، عرفت أنقرة بالعديد من الأسماء حيث لقبت ببعض المصادر العربية بأنكور وأنكورية كما عرفت عند الغرب أحيانا بأنكورة (Angora)، ومنذ القديم، حظيت أنكورة، أي أنقرة، بمكانة هامة، فأثناء فترة الحيثيين، مثلت، رفقة المناطق المحيطة بها، منطقة تجارية هامة، فضلا عن ذلك، اعتمدها الغلاطيون عاصمة لهم خلال القرن الثالث قبل الميلاد.

ومع ضمها لمناطق نفوذ الإمبراطورية الرومانية أثناء فترة أغسطس قيصر، كسبت أنكورة مكانة هامة كمركز تجاري وثقافي إقليمي، وقد تواصل الإشعاع الإقليمي لأنكورة لقرون، أثناء فترة الدولة البيزنطية، حتى وقوعها بقبضة العثمانيين منتصف القرن الرابع عشر أثناء فترة السلطان أورخان، وقبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، تواجدت بأنكورة، التي كان ثلث سكانها من المسيحيين، قنصلية بريطانية.

أتاتورك حاملا بيده قبعته الأوروبية

أنقرة عاصمة لتركيا

وعقب هزيمة العثمانيين بالحرب العالمية الأولى، تدخل الحلفاء بالقسطنطينية وبأغلب مناطق الأناضول. وحسب المخططات التي تمت مناقشتها، اتجه الحلفاء لتقسيم أغلب الأراضي العثمانية بالأناضول بين كل من أرمينيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان تاركين بذلك قسما بسيطا من وسط الأناضول للعثمانيين. وردا على ذلك، اندلعت حرب الاستقلال التركية. وبتلك الفترة، اتجه مصطفى كمال أتاتورك خلال عام 1920 لوضع مقر قيادة العمليات بأنقرة.

ومع إلغاء معاهدة سيفر واعتماد ما جاء بمعاهدة لوزان عام 1923 بدلا منها، أعلن القوميون الأتراك يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1923 قيام الجمهورية التركية واتجهوا في الآن ذاته لنقل العاصمة نحو أنقرة.

وبتلك الفترة، حبّذ مصطفى كمال أتاتورك التخلي عن القسطنطينية والبحث عن عاصمة أخرى لأسباب عديدة. فبالنسبة للرئيس التركي، مثلت القسطنطينية رمزا من رموز الماضي العثماني حيث عجّت الأخيرة بقصور السلاطين العثمانيين ومنشآتهم. فضلا عن ذلك، تواجد بالقسطنطينية عدد كبير من أنصار السلطان محمد السادس ومؤيدو الدولة العثمانية. وبسبب ذلك، تخوف أتاتورك من إمكانية اندلاع تمرد ومواجهات بها.

ومن جهة ثانية، تميزت القسطنطينية بتنوعها الديموغرافي والعرقي حيث عاشت بين أسوارها العديد من العرقيات كالأرمن والأكراد واليونانيون. وبالنسبة لأتاتورك، مثّل هذا النسيج الديموغرافي المتنوع تهديدا للسلطة في حال اعتماد القسطنطينية عاصمة للجمهورية التركية. وأمام هذا الوضع، أيد البرلمان التركي بشكل رسمي فكرة نقل العاصمة من القسطنطينية لأنقرة.

وبفترة إعلان قيام الجمهورية التركية، مثلت أنقرة مدينة صغيرة ومتأخرة حيث تواجد بداخلها قرابة 35 ألف شخص فقط وافتقرت لأبسط مقومات الحياة، وأملا في جعلها عاصمة مثالية للجمهورية التركية، اتجه أتاتورك لإنشاء العديد من المدارس والجامعات والمستشفيات، إضافة لمتحف، بأنقرة تزامنا مع تحسين بنيتها التحتية ومرافقها الرئيسية والتجارية لاستقطاب مزيد من الأتراك للاستقرار والعيش بها.

وخلال بضعة عقود، شهدت أنقرة نموا مذهلا، فعام 1927، بلغ تعداد سكانها حوالي 45 ألف نسمة وقد ارتفع هذا العدد لقارب 287 ألف نسمة بحلول الخمسينيات.

ومن جهة ثانية، أمر أتاتورك، بموافقة البرلمان التركي، عام 1930 بتغيير اسم العاصمة القديمة القسطنطينية التي أصبحت تعرف منذ ذلك الحين بإسطنبول.


الجدير بالذكر ان خبر “لماذا اعتمدت تركيا أنقرة عاصمة بدلاً من إسطنبول؟” تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق يبوع المعرفة والمصدر الأساسي هو المعني بصحة الخبر من عدمه.
وموقع ينبوع المعرفة يرحب بكم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة كافة الأحداث والأخبار اول بأول.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post ما هو خزل المعدة والأعراض والأسباب وإجراءات الإدارة
Next post بسبب أم كلثوم.. محسن جابر يهدّد بمقاضاة عمرو مصطفى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading