كشفت عنها “سي آي إيه”.. وثائق أميركية جديدة حول انقلاب تشيلي عام 1973 | سياسة


واشنطن- في 11 سبتمبر/أيلول عام 1973، أطاح الجيش التشيلي بحكومة الرئيس سلفادور أليندي. واستولت مجموعة من العسكريين، بقيادة أوغستو بينوشيه، على السلطة، منهية حكم المدنيين.

ومنذ انتخاب أليندي للرئاسة عام 1970، عرفت تشيلي اضطرابات اجتماعية كبيرة وتوترًا سياسيًا بين الرئيس والبرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وحربًا اقتصادية أمر بها الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون.

وقبل أيام رفعت وزارة الخارجية الأميركية السرية عن المزيد من الوثائق حول الانقلاب العسكري في تشيلي عام 1973 على سلفادور أليندي (انتهى بقتله)، أول رئيس منتخب في تاريخ أميركا اللاتينية.

وكشفت الوثائق، التي رُفع عنها السرية بعد مرور 50 عامًا عليها، أنه تم إطلاع ريتشارد نيكسون على خطة الاستيلاء العسكري الوشيك على الحكم في تشيلي آنذاك، الذي مهّد لديكتاتورية استمرت 17 عامًا.

ملصق للمعلم والمغني فيكتور جارا الذي عُذّب وقُتل خلال الديكتاتورية التشيلية ونصب في ذكرى انقلاب 1973 (الفرنسية)

إفراج واستثناءات

ويُعدّ الكشف عن هذه الوثائق وغيرها، عمل روتيني تفعله الجهات الحكومية الأميركية بصورة دورية، طبقًا لقوانين تلزمها بذلك. وتنضم هذه الحزمة إلى آلاف الوثائق الأخرى التي رُفعت عنها السرّية في السنوات القليلة الماضية، سواء من الوزارة نفسها أو من جهات أخرى كالبيت الأبيض، أو وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” (CIA).

ويُلزم القانون رقم (13526) الخاص بالحصول على المعلومات الحكومية، بالكشف الدوري عن الوثائق الرسمية بعد مرور 25 عامًا عليها، إلا أن القانون ذاته وفّر للحكومة 9 استثناءات تمكّنها من عدم نشر المعلومات التي تتعلق بالحفاظ على حياة أشخاص ومسؤولين أجانب، ممن تعاونوا سرًّا مع الولايات المتحدة.

ومن الاستثناءات -أيضًا- ما قد يكون لحماية طرق جمع معلومات وتجسس، أو لتعلق الوثائق بالكشف عن طرق صنع أسلحة دمار شامل، أو عن انتهاكات أميركية للقوانين أو المعاهدات الدولية. كذلك تشمل الاستثناءات أي وثائق تكشف عن طرق التخطيط لعمليات عسكرية، أو عمليات استخباراتية.

وفي حديث مع الإذاعة الوطنية الأميركية، قال السفير التشيلي خوان غابرييل فالديس، إنه قدم التماسًا رسميًا لرفع السرية عن المزيد من الوثائق، وقال “ما زلنا لا نعرف ما رآه الرئيس نيكسون على مكتبه صباح يوم 11 سبتمبر/أيلول 1973”.

ورفعت وزارة الخارجية السرية عن إحاطتين استخباراتيين مرتبطتين بانقلاب تشيلي، وصلتا إلى مكتب الرئيس ريتشارد نيكسون يوم الانقلاب، وقبله بأيام. إلا أن السفير التشيلي لدى واشنطن لا يرى ذلك كافيًا.

وأضاف السفير، أن “شعب تشيلي يريد المزيد من الشفافية والوثائق والتفاصيل عما جرى. نحن نملك علاقات ممتازة مع الولايات المتحدة حاليًا ومنذ سنوات، وبالطبع لا يمكن تصحيح ما جرى في الماضي، ولا تغييره، لكن من حقنا معرفة ما جرى، وكيف يمكن أن نحمي ديمقراطيتنا، وسط الانقسام الكبير داخل مجتمعنا بين أنصار وأعداء الانقلاب”.

وأضاف السفير، “نعرف نص الحوار بين نيكسون وهنرى كيسنجر، مستشار الأمن القومي آنذاك، وكيف رأيا خطرًا كبيرًا في انتخاب رئيس اشتراكي في إحدى دول أميركا اللاتينية، من هنا يجب أن نطلع على ما عرضته وكالة المخابرات المركزية على الرئيس نيكسون بهذا الخصوص”.

وثيقتان للتاريخ

وكشفت إحدى الوثائق التي أُفرج عنها أنه في صباح يوم الانقلاب العسكري المدعوم من الولايات المتحدة، أبلغت وكالة الاستخبارات المركزية الرئيس نيكسون أن ضباط الجيش التشيلي “مصممون على استعادة النظام السياسي والاقتصادي”، لكنهم “ربما يفتقرون إلى خطة منسقة بشكل فعال من شأنها الاستفادة من المعارضة المدنية الواسعة النطاق”.

وبعد حجب هذه الوثيقة بالكامل لعقود، أصدرت الوكالة أخيرًا الملخص الاستخباري المقدم للرئيس يوم 11 سبتمبر/أيلول 1973، وذلك ردًا على التماس رسمي من الحكومة التشيلية للحصول على سجلات لا تزال سرية مع اقتراب الذكرى 50 للانقلاب.

كما رفعت “سي آي إيه” السرية جزئيًا عن الملخص الاستخباري ليوم 8 سبتمبر/أيلول 1973، الذي أُبلغ الرئيس نيكسون فيه خطأً أنه “لا يوجد دليل على وجود خطة انقلاب منسقة بين أفرع الجيش” في تشيلي، وقال إنه “إذا تصرف المتهورون في سلاح البحرية معتقدين أنهم سيتلقون تلقائيًا الدعم من الأسلحة الأخرى، فقد يجدون أنفسهم معزولين”.

وتُعدّ الملخصات الاستخبارية اليومية التي تقدم للرئيس من بين أكثر السجلات المفقودة عن انقلاب تشيلي العسكري؛ لأنها احتوت على معلومات تؤكد أن تشجيع الرئيس نيكسون وكبير مستشاريه هنري كيسنجر لاستيلاء الجيش على السلطة في تشيلي، قد أتت ثماره.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صحفي، إن “الحكومة الأميركية أكملت مراجعة رفع السرية عن هذه الوثائق، استجابة لطلب من حكومة تشيلي، وللسماح بفهم أعمق لتاريخنا المشترك”، وأن رفع السرية جاء “متوافقًا مع التزامنا بزيادة الشفافية”.

وبالمقابل، طلبت الحكومة التشيلية من إدارة الرئيس جو بايدن الإفراج عن سجلات أميركية أخرى ذات قيمة تاريخية، ولكنها لا تزال سرية بشأن تشيلي تتعلق بالانقلاب وتداعياته.

عمل فني بمتحف الفن الحديث بسانتياغو يصوّر الديكتاتور السابق أوغستو بينوشيه وآخرين (رويترز)

“جنرال واشنطن”

عُرف أوغستو بينوشيه بـ”جنرال واشنطن”، وفور سيطرته على الحكم دمر علاقات بلاده بكوبا وبالاتحاد السوفياتي، ورسّخ روابطها بالولايات المتحدة. وتلقت تشيلي ملايين الدولارات، ودعمت واشنطن بينوشيه بلا حدود على الرغم من انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان.

وخلال حكم بينوشيه الذي استمر 17 عامًا، سًجّل أكثر من 40 ألف شخص ضحايا لعمليات الإعدام، أو التعذيب، أو السجن السياسي، أو الاختفاء القسري.

جدير بالذكر أن شيلي عادت إلى الحكم الديمقراطي في 1990 وبدأت فترة انتقالية مشحونة، لا تزال تقسم المجتمع التشيلي بين أنصار الجيش وداعمي المسار الديمقراطي.

وأُلقي القبض على بينوشيه في لندن عام 1998، لكنه لم يقضِ أي عقوبة في السجن بسبب جرائمه المزعومة قبل وفاته، وبقي تحت الإقامة الجبرية في 2006.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post تامر مصطفى يحدد موعد معسكر إنبى المغلق استعدادا للموسم الجديد
Next post تامر مصطفى يحدد موعد معسكر إنبى المغلق استعدادا للموسم الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading