مراسلو الجزيرة نت
جاكرتا – “بحر غرب الفلبين” بدلا من “بحر جنوب الصين”؛ هذا ما سيدرسه طلاب الصف العاشر في الفلبين وفقا لمسودة جديدة للمناهج الدراسية قررت وزارة التعليم في مانيلا القيام بها، وذلك في إشارة إلى النزاع الحدودي بين البلدين.
ويندر أن تدرج دولة قضايا متعلقة بخلاف أو نزاع حدودي مع دولة أخرى في مناهج دراسية، لكن هذا ما قررت وزارة التعليم الفلبينية القيام به، في سابقة لم تشهدها مناهج الفلبين بل ربما مناهج دول كثيرة في المنطقة ممن لها نقاط تأزم وخلافات حدودية أو دبلوماسية مع الصين.
وسيتضمن المنهج الجديد “الحكم التاريخي” لمصلحة الفلبين الذي قضت به المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي عام 2016 بأن الصين لا تملك حقا تاريخيا في مياه بحر جنوب الصين وأنها انتهكت حقوق الفلبين السيادية بأعمالها هناك.
كما سيقرأ تلاميذ الصف العاشر دروسا عن “جزر بحر غرب الفلبين” ضمن مادة عن “قضايا إقليمية وصراعات حدودية”، في إطار مراجعات للمناهج بدأت العام الماضي، سعيا “لرفع كفاءة الطلبة” والتركيز على القضايا المعاصرة، بهدف إعداد الطالب للتعامل مع التحديات والقضايا الاجتماعية القائمة، في مسودة للمنهج ستستقبل وزارة التعليم الفلبينية مقترحات للتعديل عليها في الأسبوع الأول من شهر مايو/أيار المقبل.
ورغم تزايد اهتمام الإعلام الفلبيني بحوادث التوتر في بحر “غرب الفلبين” أو بحر جنوب الصين، فإن ذلك ما زال بعيدا عن كونه مصدر قلق لأغلب الفلبينيين ممن لا يتابع تفاصيل الأحداث السياسية، ولعل هذا ما دفع الحكومة إلى البدء بإدراج ذلك ضمن منهج دراسي، ففي استطلاع أجرته في يناير/كانون الثاني الماضي مؤسسة “بالس آسيا” قال 3% فقط من المستطلعة آراؤهم إن ما يحدث في بحر جنوب الصين يشكل مصدر قلق مباشر لهم.
التوتر ما زال قائما
وتظهر الأحداث في منطقة بحر جنوب الصين التوتر فيها، حيث نشر حرس الحدود الفلبيني أمس الجمعة صورا لما قال إنه انتهاك من قبل 116 سفينة صينية في الشعب المرجانية لمياه جوليان فيليبي و18 سفينة أخرى راسية في مياه سابينا الضحلة وكلاهما -حسب الجانب الفلبيني- ضمن المنطقة الاقتصادية الخاصة للفلبين.
وقالت الخارجية الفلبينية -في بيان لها- إن حرس الحدود الصيني نفذ “مناورات خطرة” الأيام الماضية ضد حرس الحدود الفلبيني في “بحر غرب الفلبين” في خطوة منافية تماما لحرية الملاحة والسلوك المعروف دوليا، مشددة على أن “الفلبين لها الحق في القيام بدوريات بحرية في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخاصة”، في إشارة إلى عدد من حوادث التوتر البحري بين سفن صينية وفلبينية ومن ذلك ما حدث في يومي 19 و23 أبريل/نيسان الجاري.
ودعت الخارجية الفلبينية الصين إلى احترام حقوقها “في بحر غرب الفلبين”، الجزء الواقع في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالفلبين وجرفها القاري.
ومن جانبها، ألقت الخارجية الصينية اللوم على الجانب الفلبيني، متهمة مانيلا بتعمّد القيام بذلك، و”الاقتراب دون إذن من الجانب الصيني”، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ إن “سفن حرس الحدود الصيني تقوم بحماية السيادة الإقليمية والحدود البحرية للصين بما يتوافق مع القانون فضلا عن القيام بالخطوات المناسبة لتفادي السلوك الخطر للسفن الفلبينية منعا لحدوث تصادم”.
ويستند الخطاب الصيني إلى “مزاعم” بكين في السيادة على نحو 80% من مياه بحر جنوب الصين بما في ذلك جزر سبارتلي المبنية على خطوط تعود إلى الأربعينيات من القرن الماضي، وهو ما ترفضه دول آسيان المجاورة التي تطل سواحلها على بحر جنوب الصين من الجنوب والغرب والشرق.
توسيع التحالفات
وقد لاقى السلوك البحري الصيني انتقادا شديدا من السيناتور جينغوي إسترادا رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الفلبيني، قائلا إن حرس الحدود والصياديين الفلبينيين تعرضوا مرارا لسلوك السفن الصينية، متسائلا عن جدوى مئات الاحتجاجات الدبلوماسية التي تقدمت بها مانيلا لدى الصين.
ودعا إسترادا حكومة بلاده إلى التعاون في هذا الشأن مع الحلفاء الإقليميين لمنع “الانتهاكات الصينية”، حسب قوله.
والمطلب نفسه جاء على لسان السيناتورة ريسا هونتيفيروس عضوة لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الفلبيني، قائلة إن اللجوء إلى “حلف أوسع سيكون أفضل، علينا العمل سريعا على بناء تحالف كبير للدول التي تقف ضد السلوك الصيني ومن يحترمون التحكيم الذي كان لمصلحة الفلبين في لاهاي، ومن يسعى للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة”.
المطالب المتعددة بالتحالف الإقليمي ضد الصين تفسر حديث مسؤولين فلبينيين في الشهور الماضية عن المسعى لتنظيم دوريات بحرية مشتركة مع الأميركيين والأستراليين واليابانيين في ما تراه مياها فلبينية من بحر جنوب الصين.
محادثات النفط
كل تلك التوترات تسبق محادثات صينية فلبينية متوقعة -حسب بيان لوزارة الخارجية الفلبينية مطلع الشهر الجاري- عن استشكافات النفط والغاز في “بحر غرب الفلبين” في شهر مايو/أيار المقبل، وهي محادثات أولية حول المعايير والأسس التي ستبنى عليها المحادثات المشتركة بين البلدين، وتأتي بعد شهور من زيارة الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن إلى الصين في يناير/كانون الثاني الماضي.
لكن يبدو أن الأمر لم يتفق عليه بين الأوساط السياسية والقانونية في الفلبين، فالمحادثات السابقة كانت قد توقفت في يونيو/حزيران الماضي، بل إن المحكمة الدستورية كانت حكمت في يناير/كانون الثاني الماضي ببطلان اتفاق بحري ثلاثي بين الفلبين والصين وفيتنام في عهد الرئيسة السابقة غلوريا ماكبغال أرويو، معتبرة إياه “غير دستوري”، ومؤكدة أن أي استشكاف للثروات الطبيعية يجب أن يكون تحت عين مراقبة الدولة.
تدريبات باليكتان
وتأتي تلك التطورات مع اختتام الولايات المتحدة والفلبين اليوم الجمعة أكبر تدريبات عسكرية مشتركة برية وبحرية وجوية منذ عقود، استمرت أسابيع ضمن ما يعرف بسلسلة تدريبات “باليكتان”، بمشاركة 17 ألفا و600 جندي، منهم 12 ألفا و200 جندي أميركي، و5400 جندي فلبيني، وتعد التدريبات ثاني مواسم التدريبات العسكرية بين البلدين بعد تدريبات “سلاكنيب” بمشاركة نحو 3 آلاف جندي من البلدين.
وبعد يومين من اختتام تدريبات باليكتان، سيبدأ موسم ثالث من تدريبات “الرعد الفلبيني المتصدي” التي أجريت آخر مرة قبل 33 عاما، وتركز التدريبات على المناورات الجوية المشتركة لتعزيز إمكانات وكفاءات التحليق الجوي المشترك لسلاحي الطيران من البلدين، وهي المناورات التي أجريت عندما كانت قاعدة كلارك الجوية تحت إدارة أميركية آنذاك قبل انتهاء ذلك الحضور الأميركي الدائم عام 1991.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.