“لا شيء أسوأ من أن تستيقظ وتذهب إلى العمل، ثم تقود سيارتك عائدا إلى المنزل لتتابع الإنترنت أو التلفاز حتى تذهب إلى الفراش؛ وتكرر الدورة نفسها في اليوم التالي من دون تغيير طوال الأسبوع”.
هذا ما قاله رائد الأعمال الأميركي آندي فريزيلا -الذي أسس العديد من الشركات والمؤلف الأكثر مبيعا- بعد أن قضى سنوات شعر فيها وكأنه “لا شيء”؛ وخصوصا بعد أن خسر المال في محاولات فاشلة للالتزام ببرامج من تلك التي يروج لها الخبراء، والتي كان يعود بعدها إلى نقطة الصفر في كل مرة، قبل أن يدرك أن السبب الحقيقي لمشاكله هو “الافتقار إلى الصلابة الذهنية والانضباط”، ويقرر أن يتولى زمام أمره بنفسه، ويعكف على تطوير المهارات اللازمة للسيطرة الكاملة على حياته ليكون ناجحا “من خلال الثقة بالنفس، وقوة التحمل، والثبات، والمثابرة، والرغبة في الفوز”.
ويضع كل هذا في برنامج أطلق عليه اسم “تحدي الـ75 الصعب” (#75Hard Challenge)، واعتبره “الوحيد الذي يمكنه تغيير الحياة بشكل دائم”؛ من طريقة التفكير إلى مستوى الصلابة والانضباط الذي يجب توافره في كل شيء.
“75 هارد”
هو برنامج أطلقه فريزيلا في عام 2019 “لمعرفة إلى أي مدى يمكن أن يصل الإنسان في تحديه لنفسه، من خلال خوض تجارب غير مريحة، لتطوير الصلابة الذهنية والثبات العقلي”.
وذلك بعد أن استلهم فكرته من لقائه بالمغامر الأميركي جيمس لورانس، الذي تحولت مغامرته الشهيرة “50.50.50” إلى فيلم وثائقي، عُرض عام 2018، بعنوان “آيرن كاوبوي” (Iron Cowboy)؛ يحكي قصة اجتياز لورانس 50 سباقا في 50 ولاية أميركية على مدى 50 يوما متتالية.
اكتسب “75 هارد” قوة كبيرة في نهاية عام 2020، وأعلن فريزيلا على موقعه الرسمي نجاح أكثر من 100 ألف شخص من جميع أنحاء العالم في اجتياز برنامجه وإكماله بنجاح حتى النهاية، “لتتغير حياتهم تماما ويكونوا أكثر ثقة في أنفسهم”.
وقد حرص فريزيلا من البداية على أن يؤكد على مسؤولية كل مشترك عن القيام بالاستشارات الطبيبة اللازمة قبل البدء، لتحديد ما إذا كان هذا البرنامج مناسبا لاحتياجاته.
وأوضح أن “75 هارد” ليس برنامج لياقة لكنه تحدٍ يمكن أن يغير حياة الشخص، ابتداءا من الداخل ووصولا إلى “تعزيز القوة الذهنية”، وأن خوض هذا التحدي بشكل مثالي ودون مخالفات، قد يحقق للشخص التحكم في حياته بشكل كامل وتغييرها إلى الأبد.
5 واجبات يومية صارمة
إذا أردت أن تغير حياتك في 75 يوما فقط، بحسب فريزيلا، يجب عليك الالتزام بالواجبات اليومية التالية لمدة 75 يوما متتالية، دون أية تعديلات، وإذا سقط بند واحد يتعين عليك البدء من جديد:
- اتباع حمية غذائية، اختر نظاما غذائيا مرنا أو خطة لتناول الطعام، والتزم بها يوميا، طوال فترة البرنامج.
- التمرّن مرتين يوميا، مدة كل مرة 45 دقيقة، بشرط أن تكون إحداهما في الهواء الطلق.
- شرب جالون ماء، أي ما يعادل 3.7 لترات يوميا.
- قراءة 10 صفحات من كتاب ورقي، يُشترط أن يكون ورقيا، وليس إلكترونيا أو مسموعا.
- التقاط صورة، في نهاية كل يوم، لتسجيل معدل التقدم المُحقق.
المكاسب المحتملة
يرى المتخصص المعتمد في تطوير قدرات القوة والتكيّف جيك بولي أن من فوائد البرنامج “مساعدة الشخص في بناء عادات أفضل، يمكن أن تستمر معه لأطول فترة فيما بعد”.
أما فريزيلا فيقول إن برنامجه يعمل على تحسين الثقة بالنفس واحترام الذات، بالإضافة إلى تطوير عادات، كعادة القراءة التي قد تُكتسب بعد قراءة 750 صفحة، حتى نهاية البرنامج؛ وكذلك اكتساب نظام غذائي شبه ثابت والتعود عليه؛ والاستمرار في الاهتمام بشرب الماء لإبقاء الجسم رطبا؛ ثم رؤية النتائج المُحققة بشكل واضح وملموس من خلال 75 صورة.
أيضا “يمكن أن تكون هناك فوائد لاتباع نظام صحي محدد بانتظام”، كما يقول اختصاصي التغذية المعتمد نواه كويزادا، الذي يشجع البرنامج، مضيفا أن إحدى الفوائد الرئيسية له “هي أنه يعزز الاتساق الذاتي عند رؤية النتائج على مستوى الصحة واللياقة البدنية”.
أما المدربة الشخصية كاري فيتش فتقول إنها وجدت البرنامج صعبا، “لكنه ممتع وقابل للتنفيذ، ويمكن أن يساعد على التخلص من السلبية، ومعرفة ما تستطيع عقولهم وأجسادهم القيام به عند الالتزام والمتابعة”. كذلك رأت الأخصائية الاجتماعية كيلي كيتلي أن القراءة “تساعد في الحفاظ على الدوافع والثبات”.
مآخذ الخبراء
رغم ما لبرنامج “هارد 75” من مزايا، فإنه يبقى تجربة شخصية لفريزيلا غير مدعومة علميا، ويشير الخبراء إلى بعض سلبياتها، مثل:
- قول المدربة المعتمدة ستيفاني توماس إن البرنامج “يمكن أن يكون جيدا لشخص معتاد على ممارسة الرياضة، لكنه قد لا يناسب المبتدئين”. فعلى الرغم من الفوائد المؤكدة للنشاط البدني، فإن 45 دقيقة تمرين، مرتين يوميا من دون فرصة للراحة، قد تعرض المبتدئين لخطر “إصابات الإفراط في التمرين”، وفقا لخبيرة التحفيز المعتمدة الدكتورة سارا هابانين. لكن فريزيلا يفند ذلك بقوله إنه “يمكن ممارسة المشي فقط، لمدة 45 دقيقة، مرتين خلال اليوم، إحداهما في الخارج”.
- ما تراه الدكتورة هابانين من أن “صرامة البرنامج لا تسمح بتنمية مهارات التعامل مع الأخطاء، ولا تمنح أي تساهل”، وهو ما فنّده فريزيلا على موقعه أيضا قائلا “إنه لا أحد يمكنه تحقيق أي شيء عظيم من خلال تغيير القواعد لصالحه”.
- كما أن الالتزام الشديد بالنظام الغذائي “قد يتسبب في علاقة غير صحية مع الطعام (اضطراب الأكل) ومشاكل صورة الجسد”، كما يقول نوح كويزادا، مُضيفا أن مبدأ “الكل أو لا شيء” قد يُسبب إحباط للمشتركين ويُضيّق هامش التسامح مع النفس، وحذر من صلابة الجمود على عادات يومية طوال 75 يوما، وما قد تتركه من تأثير على “ثقافة الاعتدال”.
- أيضا تُضيف أخصائية التغذية المسجلة جاكي كامينسكي أن البرنامج “لا يقدم إرشادات محددة بخطط لياقة أو تغذية”.
لذا، يوصي الخبراء، قبل خوض تجربة “75 هارد”، بالعمل مع مدرب واختصاصي تغذية “لوضع خطة للتغذية والتمارين المناسبة للأهداف المرجوة منه.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.