لطالما ارتبطت مشاكل فقدان السمع بالتقدم في السن وأعراض الشيخوخة، ومع ذلك قد يعاني منها الأطفال في سن مبكرة، وقد يكون من الصعب تشخيصها مبكرا.
لذا، من المهم الانتباه بمجرد ملاحظة أي تغيير في استجابة الطفل عند مناداته وتوجيه الخطاب له، فمثلا، إذا كان يطلب باستمرار تكرار الكلام، أو يتساءل “ماذا؟”، أو تصدر عنه إيماءات أو حركات تشير إلى أنه لم يسمع أو لم يفهم، فإن كل هذه مؤشرات مقلقة.
كما يجب الانتباه أيضا إذا ما كان الطفل يتحدث ويتناقش مع غيره، وخصوصا مع أقرانه، بما يناسب سنه أم لا، فكل هذه العلامات قد تشير إلى مشكلة فقدان السمع.
وفي ما يلي بعض أبرز أسباب هذه المشكلة وأعراضها الشائعة، وطريقة التعامل المثلى لحماية سمع الطفل.
ما الذي يسبب فقدان السمع المؤقت عند الأطفال؟
هناك نوعان من مشاكل السمع عند الأطفال، الأول هو فقدان السمع المؤقت، والثاني مشاكل السمع الدائمة. عادةً ما يُشفى فقدان السمع المؤقت في غضون بضعة أشهر. وتشمل أسبابه ما يلي:
- الانسداد: عندما لا يستطيع بعض الأطفال في التواصل وسماع من يخاطبهم بشكل طبيعي، من الضروري التوجه لمكتب اختصاصي السمعيات لاختبار صحة وسلامة الأذنين، وقد يكون السبب في كثير من الأحيان مجرد شمع زائد في آذانهم.
- الإصابة بالعدوى: تسبب عدوى البرد أو الفيروسات أحيانًا فقدانًا مؤقتًا للسمع بسبب تراكم السوائل في الأذن الوسطى، إذ يحد الاحتقان وتراكم السوائل في الأذن بسبب العدوى من حركة طبلة الأذن. لكن فور أن يتعافى الطفل من المرض، يعود السمع كما كان من قبل من دون مشكلات.
- التعرض للحوادث: إذا ارتطم رأس الطفل، فقد يعاني من فقدان مؤقت للسمع بسبب تدفق الدم إلى الأذن الوسطى. ومع ذلك، إذا كسرت الإصابة العظم الصدغي حيث تقع الأذن الداخلية، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان السمع بشكل دائم، إذ في تلك الحالة -مع الأسف- ربما لا يتمكن الجراح من إصلاح هذا النوع من فقدان السمع.
أسباب فقدان السمع بشكل دائم عند الأطفال
فقدان السمع بشكل دائم هو مشكلة خطيرة تصيب الأطفال لعدة أسباب، أبرزها العوامل الجينية. إذ قد تتسبب فيه بعض المتلازمات والاضطرابات الجينية الموروثة.
كما أن الولادة المبكرة أو التشوهات الخلقية في الأذن أو قنوات الأذن الضيقة أو المسدودة قد تسبب هذه المشكلة، وفي معظم الحالات يكون من الصعب علاجها.
علاوة على ما سبق، يمكن للضوضاء التي يزيد ارتفاعها على 85 ديسيبلا أن تتلف الخلايا والشعيرات الدموية الصغيرة في الأذن. وقد يتسبب التعرض القصير المدى للضوضاء الحادة في فقدان مؤقت للسمع، أما التعرض الطويل الأمد، فسيؤدي إلى التلف الدائم.
وفي حال تعرض الطفل لإصابة بالغة في الرأس جراء حادث ما، فقد يتسبب ذلك في تلف الأعصاب وفقدان السمع بشكل دائم لا يمكن للأطباء تداركه، وقد يحتاج الطفل إلى استخدام جهاز للسمع.
وأخيرا، إذا تعرض الطفل لبعض الأمراض الخطيرة في سن مبكرة، مثل مرض التهاب الدماغ والتهاب السحايا، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان السمع.
أعراض يجب الانتباه لها مبكرًا
هناك عديد من المؤشرات التي يمكن للآباء أن يلاحظوا من خلالها أن الطفل قادر على السماع بشكل طبيعي، على سبيل المثال، يمكن ملاحظة أن حديثي الولادة وحتى عمر 8 أسابيع يذهلون أو تتسع عيونهم عند حدوث ضوضاء مفاجئة قريبة منهم، كما يستيقظون أو ينتفضون بسبب الضوضاء.
ومن 8 أسابيع إلى 4 أشهر يمكن للطفل أن ينظر نحو اتجاه الصوت، وقد يهدأ في أثناء الاستماع لوالدته تتحدث إليه. ومن 6 إلى 12 شهرًا، يتجه الطفل نحو الأصوات المعروفة، ويبدأ في التجاوب معها.
أما ما بين 18 شهرًا لسن عامين، فيبدأ في تقليد الكلمات والأصوات البسيطة، ويبدأ في امتلاك مفردات صغيرة من كلمات مفردة، ويمكنه فهم التوجيهات البسيطة مثل التلويح باليد.
وفي مراحل متقدمة نسبيًا في طفولته المبكرة، بين سنتين ونصف السنة إلى 3 سنوات ونصف السنة، يكون لديه كلام واضح مع مفردات جيدة، وهو الدليل على سمعه لمن حوله واكتساب المهارات بشكل طبيعي.
في المقابل، إذا لم تسر المراحل السالف ذكرها بالشكل الصحيح والمتوقع، فقد يشير هذا إلى معاناة الطفل من مشاكل في السمع وتنبغي مراجعة المختصين لمعرفة الأسباب الكامنة وراءها.
أما في مراحل عمرية متقدمة نسبيًا من الطفولة، فهناك بعض الأعراض التي تشير إلى أن الطفل لا يسمع جيدًا ويعاني مشكلة، ومنها ما يلي:
- عدم الاستجابة عند مخاطبته.
- تراجع مستواه الدراسي.
- الشكوى من طنين الأذن.
- التحدث بصوت عال.
- مشاهدة التلفاز بصوت مرتفع.
- نطق الكلمات بشكل غير صحيح.
- عدم الاتزان وفرك الأذن باستمرار.
الوقاية خير من العلاج
من الضروري بشكل عام الحفاظ على نظافة أذن الطفل والحذر من استخدام قطن إزالة شمع الأذن أو الملاقط لأنها قد تسبب الإصابات والالتهابات.
كذلك يجب على الآباء أن يظلوا منتبهين لتقييم سمع الطفل، خاصة إذا بدا أنه يعاني تأخُّرا في التعلم يتعلق بتطور الكلام واللغة، مع مراعاة حماية الطفل من المشتتات مثل الهواتف المحمولة وغيرها من المعدات الإلكترونية، والتواصل المباشر معه لتعزيز مهاراته.
أما في حال معاناة الطفل من أي مشاكل في السمع وملاحظة واحدة أو أكثر من الأعراض السالف ذكرها، فتجب استشارة اختصاصي لتقديم المشورة الطبية اللازمة.
إذا كان العلاج متاحا، أو إذا كان بالإمكان اتخاذ خطوات للحد من الضرر، فمن الأفضل دائما اكتشاف الأمر عاجلا وليس آجلا.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.