نواكشوط – “رافضين” و”نطالب بإعادة الانتخابات” و”رحيل حكم العسكر”.. تحت هذه الشعارات وغيرها، نظمت المعارضة الموريتانية مساء أمس السبت مسيرة جماهيرية حاشدة وسط العاصمة نواكشوط، رفضا لنتائج الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية التي أجريت يومي 13 و27 مايو/أيار الماضي.
وأثارت الانتخابات الأخيرة جدلا واسعا، وفي مؤتمرات صحفية عدة ومسيرة جماهيرية عقب النتائج، طالبت المعارضة بإعادة الانتخابات. وتحدثت أحزاب من المعارضة والموالاة عن “تزوير وخروقات شابت العملية”، وقدمت عشرات الطعون، ولكن المجلس الدستوري رفضها كافة باستثناءات قليلة لا تؤثر.
وحصلت الأحزاب الداعمة للرئيس الموريتاني على 84.6% من مقاعد البرلمان، أي 149 مقعدا من أصل 176، من بينها 107 مقاعد لحزب الإنصاف الحاكم بنسبة 60.79%، أما المعارضة فقد حصدت 27 مقعدا بنسبة 15.34%.
المسيرة الثانية
شارك في المسيرة جماهير وقادة أحزاب معارضة فشلت في دخول البرلمان مثل “اتحاد قوى التقدم” و”التحالف الشعبي التقدمي”، إضافة إلى حزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” الذي حصد 10 مقاعد، و”حزب الصواب” الذي نال 5 مقاعد، و”الجبهة الجمهورية” الذي فاز بـ7 مقاعد.
وفي الخطاب الرسمي الوحيد للمعارضة في المسيرة، قال رئيس حزب “التحالف الشعبي التقدمي” مسعود ولد بلخير إنهم يطالبون بإعادة الانتخابات ويرفضون ما وصفه بـ”الانقلاب على الديمقراطية”، مضيفا أنه لا يمكن تصور دولة بلا ديمقراطية ومعارضة وأحزاب سياسية.
وقال النائب عن حزب “تواصل” المعارض صداف آده إن هذه المسيرة جاءت ردا على “المهزلة الكبرى المسماة استحقاقات مايو/أيار 2023″، مضيفا أنه “لا يُخفى على أحد أن هذه الانتخابات كانت مهزلة تستهدف قتل الأمل في الشعب الموريتاني على التناوب الديمقراطي، والمعارضة أخذت جزءا من حقها وما زالت تطالب بالبقية حتى تناله كاملا”.
وفي تصريح للجزيرة نت على هامش المسيرة، قال ولد آده “لهذه الأسباب جاءت هذه المسيرة اليوم بعد أن تأجلت بسبب الأحداث الأمنية الأخيرة في البلد، وهي ترفع اليوم شعارات ضد التزوير والظلم بشتى أنواعه”.
رفع سقف المطالب
وعلى الوتيرة نفسها التي رفض بها المتظاهرون نتائج الانتخابات وطالبوا بإعادتها، حضرت أيضا بقوة مطالب أخرى في شعارات المحتجين، مثل: الأمن والهجرة، وارتفاع الأسعار، والظلم، فضلا عن والتهميش.
وقال رئيس حزب “التحالف الشعبي التقدمي” مسعود ولد بلخير، في خطاب المسيرة، إن المعارضة “مستاءة من الواقع الاقتصادي في البلاد ومن ارتفاع الأسعار في بلد مليء بالخيرات والثروات، ولكنه يسير بشكل سيئ”.
واستنكر ولد بلخير صمت الدولة عن هجرة الشباب الموريتاني المتصاعدة في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق، مؤكدا أن هذه الظاهرة “دليل على غياب سياسات الدولة التنموية والاقتصادية في البلد”، بحسب وصفه.
وتبرأ ولد بلخير مما سماها “تصرفات الحكومة التي لا تصب في مصلحة المواطنين في الريف الذين يعانون من العطش والمرض ومن رداءة التعليم”.
كما ندد بما وصفها بـ”الاغتيالات المتكررة في مفوضيات الشرطة”، مطالبا الدولة بالوقوف مع المواطنين ضد هذه التصرفات، ومنبها إلى أن أحزاب المعارضة لم تكن مرتاحة لنتيجة التحقيق بخصوص وفاة الشاب عمر جوب، وأنها تقف مع أسرته، وتطالب بالتدقيق وإعادة التحقيق في جريمة اغتياله.
وتوفي الشاب عمر جوب -قبل أسبوعين- عقب توقيفه لدى الشرطة، وبينما قالت النيابة إن الوفاة بسبب أزمة قلبية، قالت أسرته إن “ظروف وملابسات وفاته لا تزال مظلمة”، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للبحث في ملابسات القضية التي أثارت احتجاجات واشتباكات مع الشرطة.
انتقادات للمعارضة
وتواجه المعارضة التقليدية انتقادات واسعة في الشارع الموريتاني ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب “صمتها وهدنتها مع النظام طيلة السنوات الماضية وتخاذلها، وتخليها عن مطالب الشعب رغم معاناته من ارتفاع الأسعار وغياب الأمن وانتشار ظاهرة الهجرة”، بحسب تعبير بعض المنتقدين والنشطاء على مواقع التواصل.
وخلال مرور مسيرة المعارضة بالسوق المركزي في العاصمة نواكشوط، صرخ أحد الباعة المتجولين في وجه المتظاهرين قائلا “هذه ليست معارضة، إنها تتكلم فقط عندما يتم إقصاؤها”، في حين كان البعض الآخر يسخر من شعاراتهم المكررة.
وكانت شعبية المعارضة التقليدية قد شهدت تراجعا كبيرا أفرزته الانتخابات الأخيرة، إذ فشلت 3 من أحزابها في سباق دخول البرلمان لأول مرة منذ إعلان التعددية السياسية في البلد، وتراجع تمثيل البعض الآخر.
لكن المعارضة ترفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، وتتحدث أحزاب سياسية من المعارضة والموالاة عن “تزوير واسع”، غير أن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (جهة الإشراف) تتحدث عن “خروقات” تؤكد أنها “لا تمس مصداقية العملية الانتخابية”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.