وصفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مادة “الزايلازين” (xylazine) الجديدة بأنها أكثر المخدرات تهديدا للولايات المتحدة على الإطلاق، لأنها تنتشر في جميع أنحاء البلاد، خاصة في منطقة كنسينغتون بفيلادلفيا.
وقالت صحيفة “ليبراسيون” (Liberation) الفرنسية في تقرير مطول لها إن منطقة كنسينغتون أصبحت منذ 15 عاما مرتعا للمواد الأفيونية، حيث حل الفنتانيل (مسكن الألم الصناعي الفعال) مكان الهيروين، وخلفه في التبادل داخل أكياس تباع بما بين 10 و15 دولارا، علما أن تأثيره أقوى بـ50 مرة من الهيروين، حسب الوكالة الفدرالية للوقاية من الأخطار الصحية، وقد ضاعف الإدمان 10 مرات، وزاد احتمال التعرض لأخطار الجرعة الزائدة.
وأوضحت الصحيفة أن الجرعة الزائدة من المواد المخدرة الممنوعة وحدها تقتل كل سنة ما يقدر بـ100 ألف شخص في الولايات المتحدة أكثر مما تقتله الأسلحة النارية وحوادث الطرق مجتمعتين، وأن أكبر نسبة من هذه الوفيات حدثت في فيلادلفيا سنة 2021، حيث بلغت ما يقارب 82%.
تهديد
ومع ذلك -يوضح التقرير- فإن تفاقم الفنتانيل اليوم أصبح أهون الشرين في كنسينغتون، حيث أصبح هناك منشط آخر يتدفق من أيدي تجار المخدرات الذين يعملون في زوايا الشوارع أو حتى داخل محلات البقالة الموجودة أسفل المترو، ألا وهو الزايلازين.
والزايلازين مهدئ ومخدر للحيوانات حُوّل في السنوات الأخيرة من استخدامه القانوني ليصبح مكونا أساسيا لما يتعاطاه مستخدمو المنشطات عبر الحقن في فيلادلفيا، بل إن تعاطيه شمل 48 من 50 ولاية، حسب وكالة منع انتشار المخدرات الفدرالية.
وقد وصفته إدارة بايدن في منتصف أبريل/نيسان الماضي بأنه تهديد ناشئ للبلاد، مشيرة إلى أن الفنتانيل أصبح الآن أكثر فتكا بالمتعاطين بسبب إضافة الزايلازين إليه.
ونبه التقرير إلى أن إضافة الزايلازين للفنتانيل تؤدي إلى تدمير من يتعاطاه وتجعل عمليات الإنقاذ أكثر صعوبة في حالة تناول جرعة زائدة، بحيث لا يستجيب المتعاطي للترياق، وهو يسبب أحيانا قروحا على الأطراف قد تؤدي إلى بترها.
ويقول أنتوني (50 عاما) -الذي خضع لبرنامج لإزالة السموم- “أسوأ شيء هو هذه القروح التي تقضم اللحم والعظم”.
ونقلت الصحيفة عن سيدة تدعى ماريون -التي نشأت وعاشت في حي كنسينغتون وبدأت تتعاطى هذا المخدر منذ 25 سنة- قولها “كان الأمر فظيعا بالفعل من قبل، وازداد سوءا ألف مرة، كانت تفوح رائحة اللحم الميت، والجميع يفقدون أذرعهم وأرجلهم وأصابعهم”.
وأضافت أنها تمكنت لفترة وجيزة من أن تعيش حياة أسرية طبيعية وأصبح لديها طفلان، لكنها سرعان ما انتكست وعاشت تجربة السجن وتجربة النوم في الأماكن القذرة، كما عاشت تجربة فقدان أصدقائها بسبب الإدمان.
حلقة مفرغة
وقال مراسل الصحيفة إنه بمجرد أن وصل إلى تقاطع كنسينغتون رأى شابا يترنح في الشارع بسبب جرعة زائدة، قبل أن تحمله سيارة إسعاف، وفي الوقت نفسه سقطت امرأة في الشارع للسبب نفسه، كما سقط ثالث لا تزال حقنته عالقة في رقبته.
ويجوب متطوعون المكان للعثور على المدمنين وتنظيف القروح المنتشرة في أجسادهم لتنظيفها وعلاجها ولتوفير المأوى ووسائل النظافة والرعاية للضحايا.
وتقدم مجموعة من المبعوثين من الكنيسة الكاثوليكية الأوكرانية في فيلادلفيا الطعام ومستلزمات النظافة لمتعاطي المخدرات.
وأكد تقرير ليبراسيون أن حي كنسينغتون هجره سكانه من الطبقة المتوسطة البيضاء بعد أن تدهورت فيه الأحول الاقتصادية لتحل مكانها المجتمعات المحرومة، مما وفر الظروف الملائمة لتظهر الجريمة المنظمة، وتجذّر تعاطي المخدرات بشكل واضح وأخذ يتنامى معه عدد المستهلكين في الشارع حتى أنه يقال إن السلطات سعت عن وعي إلى جمع البؤس هنا لأن معظم سكان المنطقة من غير البيض، على حد تعبير التقرير.
وذكر التقرير أن رئيس جمعية الأحياء المحلية إدواردو إسكيفيل شجب التسامح المبالغ فيه للتداول الحر للمخدرات في المنطقة، ويرى في ذلك علامة على وجود “عنصرية منهجية”، خاصة أن الأحياء المجاورة تحسنت أحوالها وامتلأت بشقق سكنية جديدة تضاعفت قيمتها أحيانا في غضون 5 سنوات.
في المقابل، لم تزدهر في كنسينغتون إلا المصائب حتى أن السكان يسخرون من خطب الوعظ التي يقدمها المرشحون لخلافة العمدة ومن وعودهم “باستعادة السيطرة على أحياء المدينة” من خلال نشر الشرطة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.