ربما كان المشهد الأغرب في تاريخ البرلمان الأسكتلندي، هو وقوف الشاب ذي الملامح الآسيوية وعمره 26 عاما، مرتديًا الشيرواني الباكستاني التقليدي، والتنورة الأسكتلندية التقليدية، ليقسم بالولاء للملكة في إنجليزية بلهجة محلية ، قبل أن يعيد القسم باللغة الأردية، وبثقة هائلة وابتسامة على طرف شفتيه أضفت عليه كاريزما طاغية، لتضج القاعة بالتصفيق.
حدث هذا في ربيع عام 2011، عندما انتُخب حمزة هارون يوسف، المسلم ذو الأصول الباكستانية عضوًا في البرلمان الأسكتلندي. تكشف رحلة الصعود الصاروخي ليوسف، والتحديات التي واجهها، عن رجل متعدد المواهب، وربما كثير التناقضات، لكنها تكشف أيضا عن طبيعة المجتمع والسياسة في بريطانيا، وعن الحلم الأسكتلندي.
إذا قُدر لك يومًا زيارة أسكتلندا فلن يكون من الصعب عليك ملاحظة الفرق بين العاصمة أدنبرة، وثاني أكبر مدنها جلاسكو. لأدنبرة جمال لا تخطئه العين، أما غلاسكو فتبدو مدينة مرهقة، حيوية لكنها مرهقة، تظهر فيها الطبقة العاملة في وجوه الناس ولافتات المحال التجارية وعلى “غرافيتي” الجدران في الشوارع. إذا دخلت سوقا تجارية فربما تجد نساء محجبات أكثر مما تجد في سوق مماثلة في مدينة ذات غالبية مسلمة مثل إسطنبول، التنوع في غلاسكو من ذلك النوع الذي لا يمكن إغفاله. جاء ذلك التنوع نتيجة الموجات المتتابعة من المهاجرين الذين جاءوا رهبة من بلدانهم أو رغبة في حياة أفضل. ستجد فيها أجيالًا من اليهود الذين فروا بحياتهم من ألمانيا النازية، وإيطاليين وأيرلنديين، وباكستانيين وصوماليين وعربًا من كل الجنسيات.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.