قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إن إقرار الكنيست الإسرائيلي قانون “الحد من المعقولية” يمثل نجاحا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في جولة أولى من معركة طويلة ستشهد فيها إسرائيل ضغطا كبيرا على مستويات مختلفة.
وأوضح أنه رغم كل الاحتجاجات والضغوط التي تعرض لها نتنياهو، فإنه أصر على تمرير القانون، لعلمه أنه في حال لم يتم ذلك، فإن السقوط كان سيكون مصير حكومته لا محالة، إذ إن اليمين المتطرف لم يكن ليقبل بخسارة هذه الفرصة، التي يرى فيها الوسيلة لتحقيق طموحاته بإعادة تشكيل هوية إسرائيل.
وجاء حديث مصطفى خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/7/24) لمصادقة الكنيست الإسرائيلي إلغاء ما يُعرف ببند “المعقولية” الذي يعد جزءا من التغييرات القضائية التي تسعى حكومة بنيامين نتنياهو لإقرارها، إذ صوت للمشروع 64 نائبا مقابل مقاطعة المعارضة، في نتيجة لانهيار محاولات التوصل إلى تسوية بين الطرفين.
تحذيرات متتالية
وتتالت التحذيرات من انعكاسات هذه التطورات على وحدة مؤسسات الدولة وبقائها، في حين قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن الولايات المتحدة تأسف على نتيجة التصويت وتحثّ حكومة إسرائيل على التوصل لتوافق واسع عبر الحوار.
وفي أثناء إذاعة حلقة ما وراء الخبر، قال نتنياهو -في كلمة تلفزيونية- إنه سيسعى إلى إطلاق حوار مع المعارضة للتوصل إلى اتفاق بشأن جميع بنود الإصلاحات، ودعا العسكريين لترك السياسة والتفكير في مصلحة المواطنين وأمن إسرائيل.
وفي حديثه لما وراء الخبر، يرى مصطفى أن حديث نتنياهو الأخير محاولة -تأتي بعد فوات الأوان- لتخفيف وطأة ما جرى في الكنيست على المجتمع الإسرائيلي، الذي بات الآن في مرحلة انقسام غير مسبوقة، أظهرت كل الشروخ الموجودة في دولة الاحتلال، لافتا إلى أن هناك عدم ثقة تامة في نتنياهو وتعهداته المختلفة.
وأكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن تداعيات هذا التغيير الدستوري ستكون عميقة جدا، ليس من الناحية السياسية والعسكرية فقط، بل من الناحية الاجتماعية كذلك، بين أصحاب التوجهات الليبرالية من جهة والدينية المتشددة من جهة أخرى، مشيرا إلى أن رسالة نتنياهو لمن وصفهم بأعداء إسرائيل -التي أكد فيها قوة بلاده- تعكس خطورة التداعيات العسكرية لهذه التعديلات.
تداعيات أعمق
وعلى المنوال نفسه، يرى أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن تداعيات ما حدث في الكنيست ستكون أعمق بكثير مما يتصور البعض، مشيرا في هذا السياق إلى تصريحات النائب المعارض البارز بيني غانتس التي تحدث فيها عن خراب الهيكل الثالث.
ورأى أن ما يجري سبق وأن تنبأ به خبراء إسرائيليون، وأنه “نتاج طبيعي للفاشية التي نتجت عن الاستيطان”، معتبرا أن ما يحدث تحالف عميق بين الفاشية الأصولية المتطرفة والفساد واللصوص والمحتالين في الحكومة، الذين يستهدفون الهروب من المساءلة القضائية عبر هذه التعديلات.
ولفت البرغوثي إلى أن المعارضة الإسرائيلية رغم إصرارها على موقفها الرافض للتعديلات فإنها عاجزة عن فهم السبب الجوهري لما يجري، بل هي في الواقع تعزز وتقوي أسباب الفاشية التي تنتهجها حكومة نتنياهو، بتشجيعها ما يؤدي لتدمير ما يريد أن يبقى، وهو الاستيطان.
ويضيف أن هناك خطرين كبيرين لما يحدث في إسرائيل، أولهما احتمال لجوء نتنياهو لافتعال حرب مع الفلسطينيين كما اعتاد، بهدف إخماد صوت المعارضة والاستمرار في تعديلاته القضائية، والثاني استكمال عملية الضم والتهويد في الضفة الغربية.
ضعيفة ومهتزة
أما أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية خليل العناني، فلا يرى أن إبداء واشنطن أسفها على تمرير هذا القانون يمكن أن يترك أي أثر في الساحة الإسرائيلية، مشيرا إلى وجود انطباع لدى الأطراف المختلفة بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ضعيفة ومهتزة، مما يؤدي لحالة من عدم الاكتراث بمواقفها.
وأوضح العناني أن اللوبي اليهودي في أميركا ليس على موقف واحد، فهناك من يدعم هذه التعديلات ومنهم من يعارضها، لافتا إلى وجود حالة تذمر داخل اليسار الداعم لإسرائيل في أميركا، إذ يتبنى بعضهم توجهات من شأنها أن تهدد العلاقة بين البلدين.
لكنه أبرز أن الولايات المتحدة حريصة على علاقتها بإسرائيل باعتبارها حليفا إستراتيجيا في منطقة الشرق الأوسط، تقوم بأدوار لا يمكن لواشنطن القيام بها، ومن ثم فيمكن أن تعمل واشنطن على إجراء ضغوطات غير معلنة، تهدف من خلالها للتخفيف من وطأة هذه التعديلات حتى لا ينتهي الأمر بشقاق في دولة الاحتلال.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.