يجادل مقال في مجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) بأن الأمم المتحدة لا تزال مهمة في القرن الـ21، وأن منافسة القوى العظمى تجعلها أكثر أهمية، وليس أقل.
ويقر كاتبا المقال -كال روستيالا، أستاذ في القانون الدولي المقارن بجامعة كاليفورنيا، وفيفا إيمانجا جيرونيمو، دكتوراه في العلوم السياسة في جامعة ييل- بأن الأمم المتحدة ليست مثالية، في ضوء انتقادها بأنها غير فعالة وسيطرة عدد قليل من الدول القوية عليها. ومع ذلك، يجادلان بأنها لا تزال أفضل أمل لتعزيز التعاون الدولي وحل المشكلات العالمية.
وسرد المقال مواقف المنظمة الدولية على مر الزمن منذ نشأتها حتى بلغت الـ80 من عمرها، وأنها لا تزال تقف على قدميها.
وأشار إلى تصاعد التنافس بين القوى العظمى اليوم مرة أخرى. وأن عديدا من المحللين يرون أن حربا باردة جديدة تختمر بين الولايات المتحدة والصين. ويخشى مراقبو الأمم المتحدة من أن ماضيها سيكون مقدمة.
فيمكن أن تؤدي منافسة القوى العظمى مرة أخرى إلى شل المنظمة. كما أن عجزها عن إنهاء الحرب المستعرة في أوكرانيا يجعل من السهل القفز إلى استنتاج أنها غير قادرة على إدارة الأحداث الحاسمة لهذا العصر.
أداة حاسمة للدبلوماسية
ولفت المقال إلى ما وصفه باقتناع الصين المتزايد بأهمية الأمم المتحدة، وأنها أصبحت ثاني أكبر مساهم مالي فيها بعد الولايات المتحدة. ولديها الآن قوات حفظ سلام تشارك في مهامها أكثر بكثير من أي عضو دائم آخر.
بالرغم من وجود مجال كبير للخلاف والانقسام في الأمم المتحدة، فإن تاريخ الحرب الباردة يشير إلى أن هناك أيضا حوافز قوية للتعاون
ويرى الباحثان أن التزام الصين ببناء نفوذها داخل الأمم المتحدة يأتي في وقت غالبا ما تكون فيه الولايات المتحدة مترددة بشأنها. وأردفا أنه بالرغم من ذلك، فإن المسؤولين الأميركيين (خاصة أولئك الذين يخدمون في الإدارات الديمقراطية) لا يزالون يرون الأمم المتحدة كأداة حاسمة للدبلوماسية. ومجلس الأمن الذي يعكس توازن القوى في منتصف القرن الـ20، يمنح الولايات المتحدة مزايا هائلة في عالم سريع التغير.
حوافز قوية للتعاون
وباختصار، تستفيد كل من الولايات المتحدة والصين من الوضع الراهن المتجسد في المنظمة الدولية. وهذا التوازن غير المتكافئ للغاية للسلطة يعمل لصالحهما، حتى لو كان غالبا ما يحبط الدول الأعضاء الأخرى.
ومع ذلك، حسب الباحثَين، من المرجح أن تكون الولايات المتحدة والصين عدائيتين بشكل متزايد في العقد المقبل. لكن السياسة تصنع رفقاء غريبين.
وبالرغم من وجود مجال كبير للخلاف والانقسام في الأمم المتحدة، فإن تاريخ الحرب الباردة يشير إلى أن هناك أيضا حوافز قوية للتعاون. وكما هي الحال دائما، ستظل المنظمة عاجزة عن معالجة القضايا التي تتعلق بشكل مباشر بالمصالح الأساسية للقوى العظمى. وهذا ليس خطأ في النظام، ولكنه ميزة، وفقا لرؤية الباحثَين.
ونتيجة لذلك يظل عمل الأمم المتحدة كملتقى لتعاون القوى العظمى هو الطريقة الرئيسية التي تحافظ بها على أهميتها.
وختم المقال بأنه من المرجح أن يكون الخلاف في “خليج السلاحف” (في إشارة إلى مدينة نيويورك التي يقع بها مقر الأمم المتحدة)، حيث تتنافس الصين والولايات المتحدة على التفوق في القرن الـ21، أمرا حتميا. ولكن طالما ظلت الأمم المتحدة المؤسسة الرئيسية للحوكمة العالمية، فإن أولئك الذين يهيمنون على المنظمة سيجدون أسبابا مقنعة للحفاظ عليها.
ولا تزال الأمم المتحدة أفضل أداة لتحقيق نظام دولي قائم على القواعد، على الأقل نظام تضع فيه القوى الرئيسية القواعد.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.