قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت الدكتور علي الجرباوي، إن ما أبدته واشنطن من استياء تجاه الاستفزازات الإسرائيلية الأخيرة ليس بالأمر الجديد، ولن يفيد الفلسطينيين بشيء، فالمطلوب هو اتخاذ مواقف فعلية وعدم الاكتفاء بالبيانات.
وأشار إلى أنه طوال السنة الماضية، دأبت الحكومة الأميركية على التعبير عن استيائها من السياسات الإسرائيلية التصعيدية ضد الفلسطينيين، متسائلا “لكن أين يصرف هذا الاستياء؟”، لجيب مؤكدا أنه لا أثر لهذا الاستياء أمام ما يواجهه الفلسطينيون من هجمة حادة تنفذها حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، وسعيها لحسم الصراع عبر المسارعة في عملية ضمّ المستوطنات.
وجاءت تصريحات الجرباوي في الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/5/22) للتصريحات التي أعربت فيها واشنطن عن قلقها من اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد الأقصى، وما صاحبه من خطاب وصفته بالتحريضي والاستفزازي، وإبداء انزعاجها الشديد من سماح حكومة نتنياهو للإسرائيليين بالإقامة الدائمة في مستوطنة “حومش” غير القانونية، معتبرة أن مثل تلك التصرفات تعيق حل الدولتين.
وتساءل البرنامج عما إذا كانت هذه التصريحات الصادرة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتبر دليلا على تغير ما في السياسة الأميركية تجاه السياسة الإسرائيلية، أم أنها لا تتعدى كونها تصريحات تطلق في الفضاء ولا أثر لها على الأرض.
يذكر أن اقتحام بن غفير لباحات المسجد الأقصى هو الثاني منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، وقد أثار حفيظة الجميع تقريبا، بما فيهم المعارضة الإسرائيلية التي قال زعيمها يائير لبيد إن وزير الأمن القومي الإسرائيلي يقوم بخطوات استفزازية بدل أن يعمل على تهدئة الأوضاع.
الاستفزازات ستستمر
ويعرب الجرباوي -في حديثه لما وراء الخبر- عن قناعته بأن بن غفير سوف يستمر في استفزازاته، “لأنه يعرف أنه في حال غضب وخرج من الائتلاف فستسقط الحكومة”، لذلك فإنه يسعى للوصول إلى أقصى مدى يمكنه لتأزيم الوضع مع الجانب الفلسطيني، عبر الاقتحامات وتكثيف الاستيطان.
ويؤكد الخبير الفلسطيني على أن الإدارة الأميركية لن تقوم بأكثر من الإعراب عن الاستياء، وأنها لا ترغب أساسا في تجاوز ذلك، فهي تعمل على إدارة الصراع لا حله، ومن ثم فسيبقى الوضع على ما هو عليه، ولا مجال للتعويل على تغير جوهري نوعي في موقف واشنطن، على حد رأي الجرباوي.
لكن المتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية السفير بي جيه كراولي، رأى أن هناك تغيرا في موقف الإدارة الأميركية تجاه سياسة إسرائيل في القدس، معتبرا أن المصطلحات الدبلوماسية المستخدمة في الموقف الأميركي تجاه التطورات في القدس عُبِّر عنها بلهجة حادة وقاسية، وتحمل في طياتها انتقادات لاذعة للحكومة الإسرائيلية بصورة عامة وبن غفير بصورة خاصة.
وأشار -في حديثه لما وراء الخبر- إلى أن هذه المصطلحات لا تستخدم عادة، وتعكس بشكل واضح تنامي استياء الإدارة الأميركية من نتنياهو وسياسة حكومته، مرجحا أن تكون هناك متابعات حثيثة خلف الكواليس لمعرفة ما إذا كان بن غفير يتصرف بشكل منفرد أم يعبر عن سياسة الحكومة.
ولكن الدبلوماسي الأميركي دعا إلى عدم الإفراط في التفاؤل، وتوقع موقفا مؤثرا من قبل الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، مؤكدا أن من ينتظر ذلك سيصاب بخيبة أمل.
بدوره، أقرّ المستشار السابق للشؤون العربية في وزارة الدفاع الإسرائيلية ألون أفيتار، بأن ما قام بن غفير من اقتحام لباحات المسجد الأقصى، لم يكن له أي داع، وأن الاقتحام جاء في وقت غير مناسب، معتبرا أن بن غفير يسعى من خلاله للدعاية الشخصية والاستفادة السياسية من ذلك.
لكنه أكد -خلال حديثه لبرنامج ما وراء الخبر- على أن مبدأ الحرية الدينية يسمح لأي فرد بارتياد الأماكن المقدسة، وأن الحرم الشريف منطقة مقدسة للمسلمين واليهود.
ورأى أن الموقف الأميركي لا يعد تصعيدا سياسيا من قبل واشنطن تجاه إسرائيل، مقللا من أثر التصريحات الأميركية الصادرة في هذا السياق، ومؤكدا على متانة العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وإن كانت علاقة بايدن ونتنياهو ليست جيدة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.