لاقى نقل تنظيم المعرض الدولي للكتاب والنشر من الدار البيضاء إلى الرباط بصفة نهائية استحسان عدد كبير من العارضين والجمهور على حد سواء، لكن القراء سجلوا تراجعا في الإقبال على الكتب بالنسبة لهذه الدورة، وذلك بسبب تزامن فترة إقامة المعرض مع امتحانات نهاية السنة الدراسية وتراجع القدرة الشرائية في ظل وصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية في الأشهر القليلة الماضية.
وبدأت الدورة الـ28 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط مطلع يونيو/حزيران الحالي وتنتهي غدا الأحد، وشهدت مشاركة 737 عارضا من 51 دولة واستضافة ولاية كيبيك الكندية ضيفة شرف.
The international publishing book fair dedicates a stand to the Royale Institute of Amazigh Culture, a stand that offers a rich variety of books in Amazigh, but also in French Arabic, and English. pic.twitter.com/DfnqXJ5OIY
— Salon International de l’Edition et du Livre (@sielmaroc) June 10, 2023
وقال بنعود محمد ربيع -وهو مدير دار نشر مغربية ومستشار اتحاد الناشرين المغاربة- لرويترز “شاركت عدة مرات في معرض الدار البيضاء، وشاركت في الدورة الـ27 للمعرض بالرباط وهذه الدورة، الإقبال متوسط هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية، بسبب أن المعرض تزامن مع الامتحانات الإشهادية (البكالوريا والامتحانات الجامعية)”.
وأضاف أن “التنظيم محكم، خاصة من ناحية النظافة والأمن وإقبال العارضين من خارج المغرب وحضور دور نشر عربية وأفريقية وأوروبية”، مشيرا إلى أن “الكتب التي تلاقي إقبالا أكبر هي الكتب الأكاديمية وكتب الطفل”.
التضخم
من جهته، قال العارض المغربي محمد البحبوح -الذي شارك أكثر من 12 مرة في دورات سابقة لمعرض الكتاب الدولي بالمغرب- إن “نقل المعرض إلى مدينة الرباط قيمة مضافة، كان لا بد من القطيعة مع معرض الدار البيضاء الذي كان يغرق سنة بعد أخرى في العشوائية والفوضى”.
وأضاف البحبوح لرويترز أن “هنالك تراجعا في الحضور مقارنة بالدورة السابقة بسبب تزامن فترة المعرض مع امتحانات آخر السنة وبسبب الإكراهات المادية للمغاربة، فهذه سنة الغلاء والتضخم وتلقي بظلالها على إقبال المغاربة على الكتب وتنعكس على القدرة الشرائية للباحثين”.
فضاء الطفل يحتضن عدة أنشطة تجمع بين المتعة و التعلم، حول موضوع “بلدي المغرب!” لنكتشفها معا في هذا الشريط.
Le pavillon Enfant propose diverses activités ludiques et éducatives au profit de vos enfants autour du thème “Mon Maroc”. Découvrons ensemble ces activités dans cette vidéo. pic.twitter.com/gDRJATTw0i— Salon International de l’Edition et du Livre (@sielmaroc) June 10, 2023
وسجل التضخم في المغرب مستويات لم يسبق لها مثيل في الأشهر القليلة الماضية، وبلغ في نهاية فبراير/شباط على سبيل المثال 10.1%.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة 3 مرات منذ سبتمبر/أيلول من العام الماضي إلى مارس/آذار، في مسعى لاحتواء التضخم.
من ناحيتها، قالت فاطمة أوعمي -وهي معلمة لغة فرنسية في إحدى المدارس الخاصة بضواحي الرباط- “في الحقيقة ننتظر مثل هذه المناسبات لاقتناء الكتب النادرة التي لا نجدها دائما في المكتبات، لكن للأسف الأسعار غالية وليست في المتناول”.
وقال موظف عرّف على نفسه باسم أحمد “جئت مع طفليّ لأشتري لهما كتبا لعلي أحببهما في القراءة، ربما أسعار الكتب عادية لكن ما مررنا به من غلاء الأسعار قبل شهر رمضان وخلاله وبعده ونحن مقبلون على عيد الأضحى يجعل ميزانيتي محدودة، مما اضطرني إلى أن أبرم معهما اتفاقا مسبقا ألا نتجاوز ميزانية محددة لاقتناء كتيبات”.
لكن إحصائيات وزارة الثقافة المغربية أظهرت أن المعرض استقبل خلال الأيام الأربعة الأولى من هذه الدورة 62 ألف زائر، بزيادة 8% مقارنة بالفترة نفسها من دورة العام الماضي.
ولم يتسن الاتصال بمسؤولين عن المعرض للتعليق على تراجع الإقبال على شراء الكتب وفقا لما ذكره عدد من العارضين.
إقبال على الكتب الإنجليزية
بدورها، أعلنت الحكومة المغربية في الأسبوعين الماضيين قرارا لتعميم تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الإعدادية اعتبارا من العام الدراسي المقبل، في خطوة تهدف إلى تعزيز وجودها في التعليم المغربي بعد أن هيمنت الفرنسية على التعليم الأكاديمي في البلاد لعقود.
https://t.co/XmqFhpZ6Xi one of the distinguished stands hosted in this edition of the book fair, they display a very large collection of English books and attract visitors from every age range. pic.twitter.com/hqIlz75tl8
— Salon International de l’Edition et du Livre (@sielmaroc) June 9, 2023
وسجل عارضون إقبالا متزايدا على الكتب الإنجليزية في هذه الدورة، خاصة الأكاديمية منها وكتب الأطفال.
وقال العارض المغربي عثمان العراقي -وهو مؤسس موقع إلكتروني متخصص في الكتب الإنجليزية- “هناك إقبال متزايد على الكتب الإنجليزية، كنت دائما أراهن على الكتب باللغة الإنجليزية على الرغم من بعض الآراء التي تقول إن المغاربة متشبثون بالثقافة الفرنسية”.
وأضاف أن “تنظيم المعرض في الرباط أفضل من الدار البيضاء بجميع المقاييس، لكن تنظيمه وقت الامتحانات تسبب في قلة الإقبال”.
وقال العارض هيثم جمعة من مصر “آتي إلى معرض الكتاب في المغرب منذ أن كان في الدار البيضاء، كان الإقبال فيها أكثر ربما لأن عدد سكانها أكبر من الرباط”.
وتابع “عموما هناك إقبال جيد على كتب الأطفال، سواء الطبيعيون أو ذوو الاحتياجات الخاصة، حيث تشتغل دار النشر عندنا على كتب لهذه الفئة من الأطفال”.
بدوره، أبدى عبد الرحمن خلف مدير الحقوق والتسويق في دار نشر سعودية إعجابه بالمعرض وتنظيمه، وقال لرويترز “المعرض فيه إقبال جيد، وملاحظتي أن المغاربة ليسوا قراء عاديين بل قراء نوعيون”.
وأضاف خلف “لدينا كتب في الفلسفة والتاريخ والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، والقارئ المغربي يتمعن ويسأل، وهذا دليل على الوعي”.
وأشار إلى أن “المعرض مبشر بالخير ويشجعنا على الاستمرارية والمشاركة في قادم الأيام”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.