مراسلو الجزيرة نت
يشهد العراق منذ أشهر حراكا اقتصاديا غير مألوف؛ إذ استضافت الحكومة العديد من القمم والمؤتمرات الدولية والإقليمية، مع بدء الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني صفحة جديدة من العلاقات الدولية والإقليمية والعربية، توجت بالعديد من الزيارات للأردن وتركيا والسعودية، التي يبدو أن الرهان عليها بات كبيرا من خلال المجلس التنسيقي بين البلدين.
آخر محطات العلاقة بين الرياض وبغداد استضافة مدينة جدة السعودية أعمال الدورة الخامسة للمجلس التنسيقي بين البلدين، التي انتهت في 25 مايو/أيار الجاري، وشهدت عددا من الاتفاقيات والمؤشرات التي من شأنها أن تعود بالنفع على الجانبين سياسيا واقتصاديا، وفق مراقبين.
استثمارات ضخمة
وعبر الجانبان -في البيان الختامي للمجلس- عن حرصهما على استمرار العمل المشترك في العديد من المجالات، لا سيما الطاقة والتعليم والمصارف والربط الكهربائي وغيرها، وأشادا بارتفاع قيمة التجارة بين البلدين إلى 1.5 مليار دولار عام 2022، بزيادة قدرها 50% مقارنة بعام 2021.
وأكد مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي أن العراق والسعودية “يعدان الركن الرئيسي عالميا في إنتاج النفط، كما أن موقعهما الإستراتيجي يحتم عليهما التعاون في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصاد والاستثمار في الطاقة، حيث تملك السعودية خبرة واسعة فيها تمتد لـ70 عاما”.
وفي تصريح للجزيرة نت، كشف صالح عن توقيع العديد من مذكرات التفاهم بين البلدين في قطاعات الصيرفة والنفط والغاز والنقل والكهرباء وغيرها، مبينا أن العلاقات الثنائية شهدت تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة، مما سيعود بالنفع على الاقتصاد العراقي.
في السياق، أعلن وزير النفط العراقي حيان عبد الغني -في كلمة له خلال أعمال المجلس التنسيقي بين البلدين- الاتفاق على مساهمة شركة أرامكو السعودية في تطوير حقل “عكاز” الغازي بمحافظة الأنبار (غربا)، حسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية.
وأضاف عبد الغني -الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة- أن الهدف من استثمار حقل عكاز الغازي يتمثل في رفع الطاقة الإنتاجية إلى 400 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميا، بما سيسهم في تقليص اعتماد البلاد على الغاز المستورد لأغراض إنتاج الطاقة الكهربائية.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي محمد الحمداني أن الانفتاح على السعودية يعد مكسبا مهما للعراق عبر “تصفير” بغداد مشاكلها السياسية والاقتصادية مع دول الجوار.
أما عن الاتفاقيات العراقية السعودية، فيقول الحمداني “إنها مرحلة مهمة للعراق، واستطاع البلدان خلال السنوات الثلاث الأخيرة تجاوز الكثير من المطبات وبناء الثقة، ونشهد قريبا الكثير من الاتفاقيات المشابهة للربط الكهربائي”.
وعن أبرز ما تم طرحه خلال أعمال الدورة الخامسة للمجلس، فأشار الحمداني إلى أن الاجتماعات ناقشت مختلف المجالات، وكان على رأسها ملف الطاقة (النفط والغاز) والعمل المصرفي والتعاون المشترك في مجالات النقل والخدمات اللوجيستية وإقامة الشراكات الأكاديمية والبحثية بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في البلدين.
مرحلة حاسمة
على الجانب الآخر، ورغم الجدية التي أبداها الطرف العراقي في تفعيل المجلس التنسيقي مع السعودية، وسعي الحكومة الحالية لتطوير القطاع الاقتصادي وخلق فرص العمل، فإن هذا المسعى بحاجة إلى استقرار سياسي كفيل بطمأنة الجانب الآخر، وفق الباحث السياسي حسن العبيدي.
وفي حديثه للجزيرة نت، لا يخفي العبيدي تخوفه من أن تؤدي أي أزمة سياسية في العراق أو تغيير للحكومة إلى نسف جميع منجزات الحكومة الحالية، بما يعني العودة إلى المرحلة “الصفر” مرة أخرى، مبينا أن دعوة الحكومة العراقية للشركات الأجنبية والعربية للاستثمار في بغداد لا تزال تصطدم بجملة من المخاطر السياسية والأمنية.
وشدد على أهمية الاستقرار السياسي على مدى سنوات، بجانب تحسن المؤشرات الدولية في العراق من أجل طمأنة رؤوس الأموال.
ورغم ذلك، يؤكد العبيدي أن العراق قطع شوطا كبيرا للخروج من عزلته الاقتصادية والسياسية، مشيرا إلى أن جلب الاستثمارات ورؤوس الأموال بحاجة لجهد مستمر وحركة سياسية واقتصادية نشطة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.