بمجرد أن شن هجومه على أوكرانيا، عرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كيفية الاعتماد على حليفه الشيشاني، فأغرى المتطوعين الشيشانيين للمشاركة في الحرب مقابل عشرة أضعاف متوسط الراتب في هذا البلد، الذي يعتمد بشكل كلي على الأموال التي تقدمها له موسكو.
لكن مع ازدياد عدد القتلى في صفوف الشيشانيين بدأ البعض يعبر علنا عن عدم رضاهم عما يحصل، حسب تقرير لصحيفة لاكروا La Croix الفرنسية فهل يستمرون في التدفق على أوكرانيا؟
صحيح أن الفقر، كما يقول مبعوث الصحيفة الخاص في غروزني بنيامين كينيل، أجبر أعدادا متزايدة من الرجال الشيشانيين على قبول الراتب المقدم للمتطوعين للتجنيد والذي يصل إلى 300 ألف روبل (3300 يورو، في حين أن متوسط الراتب الشهري لا يتجاوز 300 يورو)..
غير أن الشارع الشيشاني يبدو معارضا للمشاركة في هذا الحرب، إذ يجرؤ البعض على انتقاد هذه المشاركة ويستذكر الكثيرون ما حل بعاصمتهم قبل أقل من ثلاثين عامًا حينما دكتها الطائرات الروسية وحولتها إلى ركام.
فها هي فاطمة تستذكر تلك المأساة قائلة: “قلبي مع الأوكرانيين.. أعرف كيف يشعرون لأنني، قبل أقل من ثلاثين عامًا، كنت تحت نفس القنابل من الروس.. فالحروب الشيشانية ولَّدت لدينا كراهية عميقة للروس، وعندما يظهرون اليوم على شاشات التلفزيون وهم يقولون إن جنودهم إنما يعملون على إنقاذ أوكرانيا من النازية وإنقاذ الناس العاديين، فإننا لا نصدق ذلك، إذ نعلم ما حدث هنا.»
وتقول المراسلة إن بوتين ترك للرئيس الشيشاني المستبد رمضان قديروف الحبل على الغارب ليفعل ما يحلو له في الشيشان، فأصبحت صورة الرجلين حاضرة في كل المكان حتى في مداخل المدارس، كما أطلق اسمهما على شريانان رئيسيان يعجان بالمحلات والمطاعم في غروزني، بيدأن بعض الشيشانيين، كما هي حال الضابط المتقاعد عبد الله، يحز في نفسهم هذا التقارب، في الوقت الذي لم تعتذر فيه موسكو عما سببته للشيشانيين من مآس وهو ما دفع عبد الله للقول خفية: “الله يعلم أني في قرارة نفسي أتمنى لكييف أن تنتصر. »
وقد التقى المراسل بإحدى العاملات في المجال الخيري والتي أوضحت أنها متطوعة في مساعدة حوالي 60 أسرة بها أطفال يُتموا بعد وفاة آبائهم على الجبهة الأوكرانية قائلة إن لديها ما بين 200 و300 طفل يتيم، بعض آبائهم أخذوا عنوة وأرسلوا لجبهة القتال والبعض الآخر حاول الفرار إلى جورجيا المجاورة لكن تم القبض عليهم عند الحدود، ولا تجرؤ أرامل هؤلاء الجنود أن تتحدث مخافة ما قد يلحقهن من أذى من السلطات.
“يدعي مفتينا أننا إنما نحارب القوى الشيطانية الغربية، وأن قديروف يريد أن يلقن الغرب درسًا، ومن خلال تكرار كلامهم، قد ينتهي بهم الأمر إلى تصديق ذلك”، كما تقول علياء متهكمة، وهي امرأة تسلل ابنها خلسة إلى خارج الشيشان، “إذ لا توجد أم تريد أن يشارك ابنها في هذه الحرب، لكن حذار من أي اعتراض علني”، حسب قولها.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.