تبادل كلٌّ من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بشأن استهداف كنيسة في أم درمان أمس الأحد. وفي وقت تجددت فيه الاشتباكات في مناطق جنوب الخرطوم، ردَّ قائد قوات الدعم محمد حمدان دقلو (حميدتي) على ما وصفها بالشائعات التي تحدثت عن مقتله.
وتجددت الاشتباكات في مناطق جنوب الخرطوم وفي أم درمان، باستخدام الأسلحة الثقيلة والقصف بالطائرات الحربية. وردّت المضادات الأرضية لقوات الدعم السريع على تلك الهجمات، وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق اتفاق جدة الرامي لحماية المدنيين.
وقال مصدر عسكري في الجيش السوداني للجزيرة إن قوات الدعم السريع حاولت الهجوم على المتحف الحربي وسلاح الإشارة بمنطقة الخرطوم بحري.
وأضاف أن الجيش تمكن من تدمير 3 عربات تابعة لقوات الدعم السريع والاستيلاء على 3 عربات أخرى. وأشار المصدر إلى أن الهجوم أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الدعم السريع.
حميدتي يرد على “الشائعات”
في الأثناء، اتهم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي من أسماهم فلول النظام السابق بترويج شائعة مقتله.
وأوضح حميدتي -في تسجيل صوتي- أنه متواجد وسط جنوده في مناطق بحري وأم درمان والخرطوم وشرق النيل، وتوعد بتقديم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لمحاكمة عاجلة.
وفي وقت سابق الأحد، تداول ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن مقتل حميدتي جراء إصابته في الاشتباكات مع الجيش.
هجوم الكنيسة
في غضون ذلك، عبّرت قوات الدعم السريع عن أسفها لحادثة إطلاق النار على كنيسة ماري جرجرس بحي المسالمة في مدينة أم درمان أمس الأحد من قبل جماعة وصفتها بالإرهابية والتابعة للقوات الانقلابية، مما أدى لوقوع إصابات بين المصلين.
ودعت قوات الدعم السريع في بيان إلى تحقيق مستقل في الحادثة، وأكدت استعدادها لتحمّل أي مسؤولية في حال ثبوتها على أي من أفرادها.
وفي بيان الأحد، اتهم الجيش السوداني “مليشيا الدعم السريع المتمردة بإطلاق الرصاص على المصلين المسيحيين في كنيسة المسالمة بأم درمان”، وتابع أن ذلك “امتداد لانتهاكاتها المستمرة، وانتهاكها لكافة القوانين الدولية والأعراف الراسخة”، وفق تعبيره.
وتشير أرقام رسمية إلى أن نسبة المسيحيين تقدر بـ3% فقط من سكان السودان البالغ عددهم نحو 45 مليون نسمة، لكن جهات مستقلة تقول إن النسبة أكبر من ذلك.
حصيلة القتلى والجرحى
وفي التداعيات الإنسانية، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة السودانية محمد إبراهيم للجزيرة إن عدد من قتلوا في الخرطوم منذ بدء القتال بلغ 243 شخصا، بينما بلغ عدد الإصابات 3379 مصابا.
وأوضح أن عدد المستشفيات التي تعمل في الخرطوم بلغ 87 مستشفى من مجمل 134، وأن عدد المراكز الصحية التي تعمل حاليا بلغ 61 مركزا من مجمل 81، وأضاف أن قوات الدعم السريع سيطرت على 25 مرفقا صحيا.
بدورها، قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 280 شخصا قتلوا وأصيب نحو 160 آخرين في اشتباكات دامية شهدتها ولاية غرب دارفور خلال يومين فقط.
وأضافت النقابة -في بيان لها- أن مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور تمرّ بأحداث هي الأسوأ والأعنف منذ بداية الاشتباكات، وسط انهيار كامل للنظام الصحي في المدينة.
ودانت النقابة في بيانها تمركز القناصين في أحياء المدينة، وهو ما يهدد الحركة ويؤثر على قدرة المرضى على تلقي العلاج والإسعاف، وناشدت النقابة في بيانها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي فرض وقف فوري لإطلاق النار.
مفاوضات جدة
سياسيا، قال مصدر دبلوماسي سوداني مطلع للجزيرة إن المرحلة الثانية من المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بدأت أمس الأحد في مدينة جدة السعودية، بحضور ممثلين عن الوساطة الأميركية السعودية.
وبحسب المصدر ذاته، ستناقش هذه الجولة تفاصيل إعلان المبادئ ومرفقاته، ومقترح هدنة قصيرة لخمسة أيام للتوقيع عليه، إلى جانب بعض القضايا ذات الطبيعة الإنسانية.
وقال مصدران أحدهما دبلوماسي سوداني وآخر من قوات الدعم السريع، للجزيرة، إن هذه الجولة من المفاوضات تتناول تفاصيل هدنة جديدة بين الطرفين، من حيث المدة الزمنية وتحديد ممرات آمنة للمدنيين خالية من الوجود العسكري للطرفين.
كما تناقش هذه الجولة تفاصيل إخلاء القوات العسكرية المستشفيات والمرافق الحكومية الخدمية. وأضاف المصدران أن جولة ثالثة ستبدأ بعد التأكد من التزام الطرفين بالهدنة، وتناقش وقف إطلاق النار الدائم.
وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أن الرقابة على وقف إطلاق النار الدائم ستتم عبر الأقمار الاصطناعية من الدول الراعية للمفاوضات، دون أن يستبعد إمكانية وجود مراقبين على الأرض من قبل الاتحاد الأفريقي.
وفي السياق ذاته، قال مصدر حكومي إنّ قوات الدعم السريع ترفض إخلاء المرافق الحكومية، وتطالب بالسماح لها بالبقاء في معسكراتها التي كانت تستخدمها قبل اندلاع القتال في 15 أبريل/نيسان الماضي.
وقد رفض الجيش -في وقت سابق- هذا الأمر، بحسب المصدر الحكومي، وسيرفضه مجددا في مفاوضات جدة.
لكن مصدرا مطلعا في قوات الدعم السريع قال إن الحديث عن العودة إلى المعسكرات من عدمها سابق لأوانه، ولا سيما في ظلّ سيطرة هذه القوات على 70% من العاصمة الخرطوم، على حد قوله.
إعفاء مسؤول وإجلاء
في سياق متصل، أصدر رئيس مجلس السيادة بالسودان عبد الفتاح البرهان قرارا قضى بإعفاء محافظ البنك السودان المركزي حسين يحيى جنقول من منصبه، وتعيين برعي الصديق علي أحمد بدلا منه.
كما أصدر البرهان قرارا قضى بتجميد حسابات قوات الدعم السريع وشركاتها في جميع البنوك بالسودان وفروعها في الخارج، ونص القرار على منع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لها.
بدوره، ناشد وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم المنظمات الدولية دعم الموسم الزراعي بالسودان بشكل كامل، لتفادي أزمة نقص الغذاء خلال الفترة القادمة.
وطالب جبريل المنظمات خلال اجتماع عقد ببورتسودان بحضور فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان ووالي ولاية البحر الأحمر، بالمساعدة في حل أزمة المياه لمواجهة الطلب المتزايد خلال فترة الصيف، بسبب النزوح المستمر نحو مدينة بورتسودان.
وفي تطورات عمليات الإجلاء، وصلت إلى مطار صنعاء الدولي أول طائرة تقل العالقين اليمنيين في السودان. وأقلت الطائرة 196 يمنيا كانوا يعيشون في السودان وظلوا عالقين مع تصاعد القتال فيه.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.