“السهم الواقي” في غزة.. لماذا تخشى إسرائيل تحول عدوانها إلى حرب متعددة الجبهات؟ | سياسة


القدس المحتلة- يرى خبراء ومحللون في الشأن الإسرائيلي أن العدوان على غزة فجر اليوم الثلاثاء الذي أطلق عليه جيش الاحتلال اسم “السهم الواقي” يرسل رسائل معلنة لقيادة رئاسة أركان الجيش والحكومة الإسرائيلية بالعودة إلى سياسة الاغتيالات التي تستهدف قيادات المقاومة الفلسطينية.

وأجمع محللون عسكريون وباحثون على أن العدوان على غزة كان بمنزلة سيناريو شبه حتمي، إذ لمّحت التصريحات والتحليلات الإسرائيلية أخيرا إلى أن إسرائيل تخطط لشن عملية عسكرية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية.

ورغم ذلك، تشير تقديرات المحللين إلى أنه لا يوجد ما يفسر عملية “السهم الواقي” سوى أن حكومة نتنياهو تحاول أن تضع الأجندة الأمنية على جدول أعمالها لقطع الطريق على الاحتجاجات المناهضة للإصلاحات القضائية، واحتواء حراك المعارضة الذي بات يهدد استقرار الحكومة ويشير إلى احتمال تفككها في المستقبل.

وأتت هذه العلمية العسكرية عقب تصريحات لوزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت قال فيها إن “الحرب المقبلة التي ستخوضها إسرائيل من أخطر وأصعب الحروب في تاريخها، لأنها ستكون على عدة جبهات في الوقت نفسه وتشكل تهديدا وجوديا قويا للأمن القومي الإسرائيلي”.

تصدير أزمات

وقال الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت إن العملية العسكرية على قطاع غزة لم تكن مفاجئة، وأتت في هذا التوقيت لتخدم سياسة حكومة بنيامين نتنياهو التي تواجهها أزمات متدحرجة منذ تشكيلها، ولعل أبرزها الاحتجاجات ضد خطة ما يسمى “إصلاح الجهاز القضائي” التي أسهمت في تعميق الشرخ في المجتمع الإسرائيلي.

وأوضح شلحت -في حديثه للجزيرة نت- أن حكومة نتنياهو المأزومة بقضايا داخلية مشتعلة توصلت إلى قناعة بأن المخرج من هذه الأزمات والسبيل لاستقرارها هو باللجوء إلى القضايا الأمنية وأن تصدر أزماتها الداخلية إلى الفلسطينيين في الضفة وغزة عبر التصعيد باغتيال قيادات عسكرية.

وبشأن حسابات إسرائيل حيال موجة الاغتيالات والتصعيد في غزة، قال شلحت إن “من الصعب من خلال نقطة زمنية قصيرة تحديد حسابات إسرائيل، فمن يتابع المشهد الإسرائيلي وتصريحات المحللين والمسؤولين في تل أبيب يتأكد أن هناك خشية من خوض إسرائيل حربا على جبهات متعددة في الوقت ذاته”.

حسابات التصعيد

وأكد الباحث في الشأن الإسرائيلي أن إسرائيل تخشى من أي تصعيد طويل الأمد مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، كما أن لديها هواجس من سيناريو وتصعيد على جبهات مختلفة في الوقت ذاته، تشمل جبهات لبنان وسوريا وحتى صواريخ قد تستهدفها تُطلق من اليمن أو العراق، وفقا للتقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية، وهو ما بات يسميه الفلسطينيون “وحدة الساحات” في مواجهة إسرائيل.

وبشأن حسابات إسرائيل من تصعيد على مدار أيام مع الفلسطينيين وحرب على جبهات متعددة، يعتقد شلحت أن إسرائيل لا تتطلع إلى خوض حرب على عدة جبهات كون ذلك سيكلفها ثمنا باهظا، فهي ليست وحدها التي تتحكم بالتطورات الميدانية، ومن ثم فأي حدث عسكري ميداني تكتيكي على الساحة الفلسطينية من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة وهذا ما لا تريده إسرائيل.

وبخصوص سيناريو استمرار التصعيد على جبهة قطاع غزة، يعتقد شلحت أن ذلك ليس متعلقا بقرار إسرائيل وإنما بقرار ورد فعل فصائل المقاومة. ولذا، فإن انضمام حماس سيطيل أمد المعارك، برأيه، “فما عاد قرار الحرب مرهونا بإسرائيل بل هو مرهون بردة فعل الفصائل الفلسطينية وجهات خارجية وقوى إقليمية”.

طفلة فلسطينية في حالة صدمة وهي تنظر إلى آثار القصف الإسرائيلي الجديد في غزة (رويترز)

جبهات متعددة

من ناحيته أيضا، يقدّر المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هرئيل أن يؤدي اغتيال إسرائيل 3 من كبار قادة الجهاد الإسلامي العسكريين إلى جولة من التصعيد تستمر بضعة أيام على الأقل.

ووفقا للمحلل العسكري، فإن اغتيال قادة الجهاد في قطاع غزة “جاء متأخرا أسبوعا واحدا”، الأمر الذي كان من المفترض أن يكون بعد الرشقات الصاروخية التي أُطلقت نحو إسرائيل عقب “وفاة” الأسير خضر عدنان في السجون الإسرائيلية.

وعزا هرئيل التأخر في تنفيذ عملية الاغتيال والتي خطط لها خلال شهر رمضان -كما قال- إلى أنه على الصعيد السياسي الإسرائيلي وفي الجهاز الأمني والاستخباراتي تجري مناقشة رد الفعل القوي، وكان الافتراض أيضا أن قادة الجهاد تحصّنوا بالملجأ تحت الأرض، وعليه تقرر الرد المحدد على الصواريخ في الأسبوع الماضي وانتظار الوقت المناسب.

ويعتقد المحلل العسكري أن دخول حماس إلى القتال سيحسّن القدرات العسكرية الفلسطينية لمواجهة العلمية العسكرية، وذلك يؤدي إلى إقدام الفصائل على توسيع نطاق إطلاق الصواريخ لتصل إلى منطقة تل أبيب.

كما لا يستبعد أن يؤدي التصعيد على جبهة غزة وانضمام حماس إلى الجهاد الإسلامي في الرد على العلمية العسكرية إلى سيناريو آخر مثل التصعيد في ساحات عدة بالضفة الغربية، وكذلك اشتعال مواجهة على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان.

استقرار الحكومة

ومقارنة بالعمليات العسكرية السابقة، يقول المحلل السياسي الإسرائيلي عكيفا إلدار إن “المتتبع للعمليات العسكرية الأخيرة يلاحظ أنه لم يكن هناك أي مبرر أمني أو أسباب للعملية الحالية (السهم الواقي)، بيد أنه واضح أن الدوافع والأسباب قد تكون بجوهرها لخدمة أهداف سياسية لحكومة نتنياهو”.

وأشار إلدار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن حكومة نتنياهو المهددة بأزمات داخلية بسبب حراك المعارضة والاحتجاجات باتت تبحث عن طوق نجاة بتنفيذ اغتيالات لقيادة بالمقاومة، وهو الهدف المعلن لقيادة هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الذي وظفه نتنياهو لأهداف سياسية.

ويعتقد المحلل السياسي أن نتنياهو استغل هذه الظروف وتطلعات المستوى الأمني والعسكري من أجل الحفاظ على حكومته التي أربكتها المعارضة والاحتجاجات ودفعت بها نحو تهديد مكانتها على المستوى الإقليمي والدولي وإضعافها داخليا، ولذا أتت العملية ليحافظ نتنياهو على تماسك حكومته داخليا وخارجيا.

لكن على المستوى الإستراتيجي، يقول المحلل السياسي “يبدو أن حكومة نتنياهو غير معنية بتوسيع العلميات وبجولة تصعيد تستمر أياما، وهو الأمر الذي لا يمكن معرفة تداعياته على الجبهة الداخلية الإسرائيلية ولا حتى على استقرار الحكومة إن وقعت خسائر فادحة بالجانب الإسرائيلي”.




اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post كيف قام المحافظون بتحويل وودلاند بارك ، كولورادو ، المنطقة التعليمية
Next post ما هو برنامج الأهلى فى تونس استعداداً لمواجهة الترجى ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading