نحن الآن في عام 1966، يمشي عالِم الحاسوب جوزيف فايزنباوم في أحد ممرات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “MIT”، متجها إلى مكتبه، شاعرا بالقلق والتوتر. سيبدأ صديقنا أولى تجاربه التي ستغير مستقبل الذكاء الاصطناعي، وربما مستقبل البشرية، سيجرب فايزنباوم روبوت المحادثة الجديد “شات بوت”، الذي أطلق عليه اسم “إليزا” (Eliza)، تيمنا بشخصية إليزا دوليتل من مسرحية “بجماليون” (Pygmalion) لجورج برنارد شو عام 1913، وهو أول نسخة في العالم من روبوتات المحادثة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
كانت الفكرة بسيطة للغاية؛ ستعيد إليزا صياغة أي مدخلات من كلام المستخدم وتقدمها في شكل سؤال، بمعنى أنها مبرمجة على تقليد ما يكتبه الشخص من معلومات، لتعطيه إيحاء بأنها تفهمه. إذا أخبرتها مثلا أن محادثة مع صديقك أغضبتك، فقد تسألك ببساطة: “لماذا تشعر بالغضب؟”.
كان الهدف من تطوير إليزا في الأساس هو استكشاف إمكانيات معالجة اللغة الطبيعية، وإظهار حجم قدرات الذكاء الاصطناعي في فهم المشاعر الإنسانية والسلوك البشري. المفارقة الغريبة هنا هي أن “فايزنباوم” صمم هذا الروبوت تحديدا لكي يُظهر مدى سطحية فكرة المحادثات بين الإنسان والآلة، لكن التأثير بعيد الأمد لعمله كان عكس ما أراده تماما. (1)
صحيح أن تلك الأنظمة لم تكن عملية؛ فقط عليك أن تتخيل احتياجك إلى برمجتها بكل السيناريوهات الممكنة في مجالك عبر مجموعة من القواعد المنطقية، وهو أمر مستحيل بالتأكيد. لكن هذا كله تغير مع تطور مجالات تعلم الآلة والشبكات العصبية التي خلقت ثورة كبيرة في أنظمة الذكاء الاصطناعي. تعلم الآلة، كما يشير اسمه، يمكّن تلك الأنظمة من التعلم من البيانات وتطوير أدائها من خلال التجربة والتقييم، كل هذا دون الحاجة إلى برمجة مكتوبة من الإنسان، أي إنها تتعلم بطريقة البشر نفسها.
بالمثل، تعدُّ الشبكات العصبية شكلا من أشكال المحاكاة لطريقة عمل الدماغ البشري، وهي تُستخدم لمعالجة البيانات المعقدة، مما يمكّن الآلات من التعرف على الأنماط داخل تلك البيانات، وفهم الصور، وحتى معالجة اللغة الطبيعية، كما في روبوتات المحادثة، فترجمة غوغل مثلا لم تكن لتتطور بهذا الشكل لولا أنها تعلمت من الإنسان، وقارنت بين ما يترجمه البشر وبين ما تملكه من بيانات لغوية. بمعنى أننا لم نصل إلى هذا التطور الحالي إلا بمنح الآلة أسلوبا بشريا في العمل، وربما كانت هذه بداية المشكلة.
تواصل مع الآلة
لم تكن “إليزا” سوى برنامج حاسوب بسيط مكتوب بعدّة أكواد برمجية، تبحث عن الكلمة المفتاحية في كلام الشخص ثم تعكسها في الرد عليه في شكل عبارة أو سؤال بسيط، لتعطيه طابعا أنها تفهمه وترد على كلامه، دون أن يعرف الشخص أنه يتحدث إلى روبوت من الأساس.
كان فايزنباوم قد برمج الروبوت للتفاعل مع المستخدمين بأسلوب معالج نفسي، وكان هذا الأمر مقنعا إلى حدٍّ ما، وأعطى شعورا وهميا بالتعاطف. (2) كان المستخدمون يجرون محادثات طويلة مع إليزا، ويفشون لها بأسرار شخصية، فيما يشبه جلسات العلاج النفسي، مع أنها في الواقع مجرد أكواد برمجية بسيطة، ما أطلق عليه الباحثون “تأثير إليزا” الذي يعني ميل البشر إلى منح الآلات صفات إنسانية، بل وتحويلها إلى كائنات واعية بذاتها. (3) (4)
المشكلة هنا أن تصميم “إليزا” لم يكن معتمدا على حدوث هذا التفاعل بينها وبين البشر بالأساس، ولكن ما اكتشفه الباحثون أن المستخدم يفترض دون وعي منه أن أسئلة “إليزا”، التي ترد بها، تتضمن اهتماما وتفاعلا عاطفيا حقيقيا مع الموضوع الذي يناقشه معها خلال المحادثة، حتى مع معرفتهم مسبقا أن “إليزا” لا تحاكي المشاعر البشرية. تلك التفاعلات بين الإنسان والآلة كان لها دور مهم في تطور تقنيات الروبوتات التي تحاكي السلوك البشري فيما بعد. (5)
لاحظ هنا أن “إليزا” لم تكن روبوتا حقيقيا معتمدا على الذكاء الاصطناعي فعلا، لكنها مجرد برنامج كُتب بعدد محدود من الأكواد. يمكنك أن تتخيل الآن درجة الإقناع التي تحظى بها روبوتات المحادثة الجديدة مثال “شات جي بي تي” التي قد تخدع أنظمة المشاعر لدى البشر، وتقنعهم أنها تملك وعيا وتعاطفا وصفات إنسانية فعلا. نحن نسعى دائما لإعطاء هذا الطابع البشري لأي شيء، فما بالك إن كان يتحدث ويجاوب ويتعاطف معنا مثل البشر؟ وهو ما يقودنا إلى السؤال التالي في قائمة مخاوفنا: هل يمكن أن تمتلك تلك النماذج ذكاء ووعيا حقيقيا في المستقبل القريب؟
ذكاء اصطناعي خارق
مع الانتشار الهائل مؤخرا لروبوت المحادثة “شات جي بي تي”، بالتأكيد سمعت بتلك النبوءات حول اقتراب وصولنا إلى الذكاء الاصطناعي العام، أو الآلات التي تملك ذكاء خارقا، وبهذا الذكاء ستتفوق على البشر، وتقرر إما إبادتنا جميعا وإما في أحسن الأحوال التحكم فينا واستعبادنا.
غالبا ما ترتبط كلمة الذكاء الاصطناعي في الأذهان مع مصير الهلاك أو نهاية العالم؛ كل تطور جديد في المجال، أو للدقة كل تطور جديد تلاحظه الجماهير، يولّد لديهم فورا رد فعل مروّعا. الخوف هنا طبيعي، كأن أدمغتنا تكمل الجملة تماما مثلما تفعل النماذج اللغوية. يرجع جزء من هذا الخوف إلى ارتيابنا من كل ما هو جديد وغامض وغريب بالنسبة إلينا، والجزء الآخر يأتي بسبب أفلام هوليوود التي أكدت لنا، على مدار قرن من الزمن، أن الذكاء الاصطناعي سيكتسب قوة خارقة، وسيغضب، ويدمر كل شيء في طريقه، وهي أفلام اشتهرت في الوعي الإنساني مثل “Terminator” و”The Matrix” وغيرهما.
لكن على كل الأحوال، هناك مبالغات كثيرة في هذا الأمر؛ فرغم أن تطوير الذكاء الاصطناعي العام، الذي يمكنه تنفيذ أي مهمة معرفية يمكن للإنسان تنفيذها يظل حلما لبعض الشركات والباحثين في المجال (6)، إلا أنه لا يزال حلما بعيد المنال حسب الإمكانيات التقنية التي نملكها حاليا، وحسب فهمنا لتعريف الذكاء الإنساني ومعرفتنا لكيفية عمل الدماغ البشري.
ما يحدث حاليا ببساطة هو مجرد تطور هائل في قوة المعالجة، وفي أساليب تعلم الآلة، بجانب توفر كميات هائلة جدا وغير مسبوقة من البيانات. لكن التطور في قوة المعالجة مهما بلغ حجمه لا يؤدي بالضرورة إلى إنتاج الذكاء الاصطناعي الخارق؛ كل الأنظمة الحالية، مثل “شات جي بي تي”، هي مجرد آلات للتنبؤ بالكلمة التالية في النص، ولا تملك ذكاء أو وعيا حقيقيا بما تنتجه من معرفة.
لذلك، بدلا من الانتباه إلى مخاوف خارجة من أفلام الخيال العلمي مثل سيطرة الذكاء الاصطناعي على العالم وإبادتنا، علينا أن نحول انتباهنا إلى التحديات الحقيقية الوشيكة، وهي كثيرة فعلا، مثل مشكلات الخصوصية، والأمن الإلكتروني، وزيادة عمليات النصب، وتغير الوضع الاقتصادي وما قد ينتج عنه من استغناء عن بعض الوظائف التي ستتأثر بهذه التقنيات الجديدة، وهو ما يقودنا إلى نقطة مهمة أخرى: هل يمكن أن يأخذ الذكاء الاصطناعي وظائفنا بالكامل؟
مزيد من الوظائف
إذا نظرنا إلى التاريخ، فسنجد أن الاضطرابات أو التغييرات الناتجة عن عملية الأتمتة تسبب كثيرا من الفوضى على المدى القصير، لكنها تخلق المزيد من الوظائف على المدى الطويل. هذا ما يُظهره بحث من عام 2021 أكد أن 60% من الوظائف التي نعرفها اليوم لم تكن موجودة قبل 80 عاما؛ وأن هناك صناعات جديدة كاملة ظهرت بسبب الحاسوب والإنترنت وغيرها من التقنيات الحديثة. (7)
بالطبع لا نملك أي معلومات تؤكد استمرار هذا التوجه، لكن البيانات الأولية تشير إيجابيا إلى ظهور وظائف جديدة مستقبلا، وهو ما يؤكده تقرير مستقبل الوظائف، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023، والذي يشير إلى أن الوظائف التي ستتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة هي أسرع مجالات العمل نموا. (7)
في السياق ذاته، يشير كتاب “اقتصاديات الذكاء الاصطناعي” الصادر عام 2019 عن ثلاثة من الباحثين المتخصصين هم أغاي أغراوال، وجوشوا غانز وآبي غولدفارب إلى أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي والروبوتات سوف تزيد من الطلب على العمالة في المستقبل، على عكس ما نتخيل دائما، ولهذا عدّة أسباب. (8)
أولا، عندما ترخص تلك التقنيات وتتاح للجميع، فسوف تستبدل بعض مهام البشر الذهنية، وسيؤثر هذا بدوره على إنتاجية الإنسان. مع انخفاض تكلفة إنتاج المهام الآلية، سيتوسع الاقتصاد أكثر ويزيد الطلب على العمالة في المهام البشرية الحقيقية، التي تتطلب تفكيرا وحكما بشريا.
تخيل مثلا شركة استبدلت روبوت محادثة بمهمة الرد على خدمة العملاء، بالطبع ستقل الحاجة هنا إلى البشر للتعامل مع الاستفسارات البسيطة للعملاء، لكنها ستوفر وقتهم للتركيز على الأسئلة والمطالب الأكثر تعقيدا وخصوصية. النتيجة أن الشركة قد تشهد زيادة في رضا العملاء، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على منتجاتها أو خدماتها، هذا بدوره سيؤدي إلى احتياج الشركة إلى موظفين إضافيين في مجالات أوسع، مثل المبيعات أو التسويق أو تطوير المنتجات.
ثانيا، من المرجح أن ارتفاع نسب الأتمتة سوف يؤدي إلى تراكم رأس المال، وهو النقود والمعدات والموارد المختلفة، وعندما تدخل عملية الأتمتة في مجالات أكثر، فستزيد معها الحاجة إلى رأس المال للاستثمار في الآلات والتكنولوجيا وغيرها. هذا بدوره يؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة، لأننا ببساطة نحتاج إلى عمال تشغيل وإدارة تلك الآلات.
لنضرب مثالا بشركة تعمل في مجال التصنيع، وتستثمر في أذرع آلية للتعامل مع المهام المتكررة والمرهقة جسديا على خط التجميع. مع تحسن كفاءة عملية الإنتاج، قد يرتفع الطلب أيضا على منتجات الشركة. ولتلبية هذا الارتفاع، قد تحتاج الشركة إلى توسيع مرافقها أو الاستثمار في آلات جديدة أحدث، تلك الجهود التوسعية ستتطلب توظيف عمالة إضافية لإنشاء وتركيب المعدات والصيانة وغيرها.
ثالثا، عملية الأتمتة تعمل أيضا على تحسين إنتاجية المهام التي كانت مؤتمتة فعلا، هذا يعني أن الآلات تصبح أكثر كفاءة في المهام التي كانت تقوم بها سابقا، مما يعزز الإنتاجية كلها، ويزيد الطلب أيضا على العمالة.
مثلا، لنفترض أن متجر بيع بالتجزئة يطبق أنظمة دفع آلية، تتيح للعملاء دفع ثمن مشترياتهم دون الحاجة إلى صراف بشري. تتميز تلك العملية بالسرعة والفعالية، مما يقلل من أوقات انتظار العملاء ويحسن من تجربتهم عموما. هنا سيواجه المتجر زيادة في العملاء وحركة البيع، بالتالي قد يحتاج إلى توظيف المزيد من الموظفين لأداء مهام أخرى متعلقة بالمنتجات أو مساعدة العملاء في الإجابة عن استفساراتهم، وبالطبع لصيانة وتطوير أنظمة الدفع الآلية أكثر.
طبيعة وظائفنا ستتغير
ما حدث إذن هو أن عملية الأتمتة خلقت مهام جديدة تناسب البشر أكثر من الآلات في مختلف الصناعات كأعمال المصانع والهندسة والإدارة والحسابات وغيرها، وبالمثل فإن الذكاء الاصطناعي قد يخلق مهام جديدة في العديد من القطاعات الخدمية في المستقبل القريب. التقنيات الجديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي تحديدا ستغير من سوق العمل، لأنها ببساطة ستغير من شكل وطبيعة الوظائف نفسها.
غالبا، عندما تدخل تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى أعمالنا المختلفة، فإن وظائفنا لن تُستبدل كما نظن للوهلة الأولى، ولكن طبيعة المهام التي تدخل ضمن الوظيفة نفسها هي التي ستتغير. بعبارة أخرى، سوف تتغير المهارات الأساسية المطلوبة للوظائف، وستحل محلها مهارات جديدة. يعني ذلك أن هناك وظائف كثيرة سيُعاد تصميمها بسبب أدوات الذكاء الاصطناعي، وخاصة أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل “شات جي بي تي” وأخواته.
أشار سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، إلى هذا الأمر، في جلسة استماع أمام الكونغرس الأميركي في شهر مايو/أيار الماضي، بعد موجة الهستيريا الإعلامية قائلا: “من المهم أن نفهم أن نموذج GPT-4 هو أداة وليس مخلوقا. من السهل أن يختلط الأمر على البعض. نموذج GPT-4، والأنظمة الأخرى التي تشبهه، تجيد تنفيذ المهام وليس الوظائف”، وهو يرى أن الناس بدأت تستخدم تلك الأدوات في وظائفهم لمساعدتهم في تنفيذ تلك المهام المختلفة.
بمرور الوقت، يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في سياقات محددة إلى تغيير علاقة البشر بهذه التقنيات. فمع تطور استخدام التقنية لتصبح أكثر تداخلا في عملهم وأقل غموضا، يمكن أن يقل الخوف المثار من استبدال تلك الأدوات للبشر في أعمالهم، أو امتلاكها للذكاء الخارق. المثال الأوضح على هذه النقطة ربما يكون أداة “Copilot” من “GitHub”، التي يستخدمها مطورو الويب لمساعدتهم في كتابة الأكواد البرمجية واكتشاف الأخطاء بها. (9)
عصر المعرفة
ستبدأ تلك التقنيات في النجاح والتأثير الحقيقي عندما تدخل بسلاسة في أعمالنا، ونجد لها استخداما حقيقيا يساعدنا في إنجاز مهامنا بصورة أسرع وأكثر دقة، والأهم حين نعرف جيدا حدود قدرات تلك الأدوات، ونتأكد أنها ليست ذكاء حقيقيا يعرف كل شيء، ولها مشكلاتها مثل أي أداة نستخدمها.
في النهاية، إذا كانت السنوات الماضية معروفة باسم عصر المعلومات، فيمكننا القول في النهاية إننا نتجاوز هذا العصر وندخل إلى عصر المعرفة. عصر المعلومات بدأ مع ظهور أجهزة الحاسوب في منتصف القرن الماضي تقريبا، ثم بعدها الإنترنت في أوائل التسعينيات. حاليا ما يقوم به الذكاء الاصطناعي هو جمع كل تلك المعلومات وتحويلها إلى معرفة اصطناعية.
في هذه المرحلة، ينتج الذكاء الاصطناعي تلك المعرفة التي تحاكي المعرفة الإنسانية ولا يفهمها فعلا، لكن هذا يصب في مصلحتنا في النهاية؛ إننا نحن البشر نفهم ونجمع ونربط بين كل تلك المعلومات، ونخلص إلى تلك المعرفة الجديدة، بمساعدة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. هذا تطور عظيم للإنسانية، وأمر مبشر جدا على كل الأحوال، بعيدا عن الخوف والذعر الذي تسببه أي تكنولوجيا جديدة تظهر للوجود.
حسنا، هل هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لن يقضي علينا قريبا؟ وهذه ليست نهاية العالم؟
لا، هذه ليست نهاية العالم، لكنها نهاية التقرير، نشكرك على وصولك إلى هنا.
————————————————————————————-
المصادر:
1) A Brief History of Artificial Intelligence: What It Is, Where We Are, and Where We Are Going
2) ELIZA: A Computer Program For the Study of Natural Language Communication Between Man And Machine
3) The ELIZA Effect
4) Why Do We Anthropomorphize?
5) The return of the chatbots
6) Why general artificial intelligence will not be realized
7) Workplace AI: How artificial intelligence will transform the workday
8) The Economics of Artificial Intelligence: An Agenda
9) Your AI pair programmer
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.