مراسلو الجزيرة نت
طهران- بعد موافقة واشنطن على طلب بغداد الإفراج عن المستحقات المالية لإيران عن صادراتها من الغاز والكهرباء إلى العراق، تضاربت الروايات عن مبلغ الأموال المفرج عنها، وعما إذا كانت قد دخلت إلى إيران أو أنها تصرف وفق معادلة “النفط مقابل الغذاء”؟
وعقب إعلان رئيس الغرفة التجارية الإيرانية العراقية المشتركة يحيى آل إسحاق السبت الماضي إفراج الجانب العراقي رسميا عن 3 مليارات دولار من مستحقات إيران المجمدة لديه؛ كشف ضياء الناصري مستشار رئيس الوزراء العراقي عن عزم بلاده إطلاق مليار دولار من الأموال الإيرانية.
وفي تغريدة له على تويتر أوردتها وكالة الأنباء العراقية، كتب الناصري أن “مجموع الأموال الإيرانية التي أطلقها العراق منذ تولي حكومة محمد شياع السوداني حتى الآن نحو 1.5 مليار دولار، بالإضافة إلى مليار آخر يجري إطلاقه”.
يأتي ذلك عقب تقارير إيرانية قالت إن طهران ستحصل قريبا على 24 مليار دولار من أرصدتها المجمدة في الخارج، بينها 7 مليارات دولار مجمدة لدى كوريا الجنوبية، و10 مليارات دولار لدى العراق، كما أن إيران قد تحصل على نحو 7 مليارات دولار في صورة قروض قليلة الفائدة من صندوق النقد الدولي.
سبب الاختلاف
وعن سبب الاختلاف في الروايتين الإيرانية والعراقية بشأن مبلغ الأموال الإيرانية المفرج عنها، توجهنا بالسؤال إلى عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية العراقية حميد حسيني الذي أكد الإفراج عن 2.6 مليار دولار خلال الفترة القليلة الماضية.
وأوضح حسيني للجزيرة نت أن الوساطات الإقليمية بين إيران والجانب الغربي في ملفي تبادل السجناء والبرنامج النووي تمكنت من كسب موافقة واشنطن من أجل إفراج العراق عن 2.6 مليار دولار من مستحقات طهران لديه، مضيفا أنه بعد تسديد مبلغ 1.6 مليار دولار منها كمستحقات مالية لتركمانستان عن صادراتها من الغاز إلى إيران، أفرجت بغداد مؤخرا عن مليار دولار آخر.
وتابع حسيني أن بلاده خصصت المليار الأخير من الأرصدة المجمدة لدى العراق لتغطية احتياجات الحجاج الإيرانيين في السعودية وشراء السلع الأساسية، مؤكدا أن الجانب الغربي يمانع دخول الأموال المفرج عنها إلى إيران خشية وصولها إلى الجماعات المتحالفة مع طهران.
مبلغ الأرصدة
وعن مبلغ المستحقات الإيرانية لدى بغداد، أوضح حسيني أن أحدث بيانات المركزي الإيراني تقدر مستحقات طهران على العراق بنحو 11 مليار دولار، في حين تحدث الجانب العراقي عن 18 مليارا خلال مباحثاته مع الجانب الأميركي، عازيا السبب إلى تراكم الديون بسبب استمرار صادرات بلاده من الغاز والكهرباء إلى جارتها الغربية.
من جانبه، كشف حاكم المصرف المركزي الإيراني محمد رضا فرزين عن وجود نحو 100 مليار دولار ضمن الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، داعيا إلى العمل الدبلوماسي من أجل استعادتها وتحويلها إلى البلاد.
وفي قراءته لإعلان طهران مبلغ أموالها المجمدة في عدد من الدول الأجنبية، ومنها العراق وكوريا الجنوبية والصين واليابان وسلطنة عمان، يرى حسيني أن ذلك مؤشر على بلوغ الوساطات الإقليمية والمفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن إلى نتائج إيجابية قد تفضي إلى توافقات بين بلاده والدول الغربية، لا سيما الملف النووي.
الغذاء والدواء
من جانبه، تحدث عضو اللجنة الصحية في البرلمان الإيراني همايون نجف آبادي عن الصعوبات التي تعترض دخول الأرصدة الإيرانية المجمدة إلى البلاد بسبب العقوبات الأميركية، كاشفا عن مفاوضات إيرانية عراقية من أجل استيراد الغذاء والدواء عبر الأموال المفرج عنها.
وفي حديث لوكالة أنباء “خانه ملت” التابعة للبرلمان الإيراني، تابع نجف آبادي أن العقوبات الأجنبية أثرت سلبا على المجتمع الإيراني، موضحا أن عدم خضوع المواد الغذائية والأدوية للعقوبات جعلت منها سبيلا لتسديد الجانب العراقي المستحقات الإيرانية عليه.
من جانبها، نقلت صحيفة “اعتماد” الناطقة بالفارسية عن وزير النفط الإيراني جواد أوجي قوله إن الجانب العراقي يضع الديون الإيرانية المترتبة عليها في حساب خاص بالمصرف التجاري العراقي، شريطة أن تستخدم طهران هذه الأموال لشراء السلع الأساسية التي لا تخضع للعقوبات الأميركية، مثل الدواء.
عودة للوراء
من ناحيته، وصف عالم الاقتصاد الإيراني حسين راغفر قبول استيراد الغذاء والدواء فقط عبر المستحقات الإيرانية المفرج عنها بأنه “عودة للوراء” لسببين: الأول أن إيران مصدّر أساسي للسلع إلی العراق، والثاني أن الإفراج عن الأرصدة المجمدة لن يحدث تغييرا في زيادة رصيد صندوق التنمية السيادي من العملة الصعبة.
وفي حديثه للجزيرة نت، انتقد راغفر سياسات بلاده على الصعيدين الداخلي والخارجي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، موضحا أن التقاعس عن العمل الجاد من أجل رأب الصدع بين الشعب والنظام الحاكم أدى إلى تزايد الضغوط الخارجية عليه.
ووصف قبول تطبيق مبدأ النفط مقابل الغذاء مع إيران بأنه “كارثة على المستوى الوطني”، مؤكدا أن الخروج من هذا الوضع يتطلب تجاوب النظام مع مطالب الشعب والعمل الجاد على تلبيتها.
في غضون ذلك، يواصل الريال الإيراني تحسنه مقابل الدولار الأميركي منذ انتشار تقارير عن الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة بالخارج، إذ تراجع سعر الدولار الأميركي في السوق الموازية إلى 478 ألف ريال إيراني حتى الاثنين، بعد إن كان قد لامس عتبة 620 ألف ريال في مارس/آذار الماضي.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.