مراسلو الجزيرة نت
عمان- ضمن إطار درس “النسب المثلثية” في مادة الرياضيات لطلبته في الصف التاسع، اختار المعلم الأردني مأمون أبو الرب أن يربط بين مقدمة عامة في مفهوم النسب وتطبيق ذلك على المسجد الأقصى المبارك.
ويقارن أبو الرب لطلابه بين مساحة قبة الصخرة أو المصلى القبلي وبين المساحة الكلية للمسجد الأقصى البالغة 144 دونما (الدونم يساوي نحو 1000 متر)، مصححا بذلك بعض الأخطاء الشائعة حول مساحة المسجد.
أبو الرب خضع ضمن عدد من المعلمين في الأردن لمشروع رواد “الأقصى كل السور” الذي يهدف إلى تأهيل معلمي وزارة التربية والتعليم في الثقافة المقدسية ضمن إطار العمل المعرفي الموجّه كأداة لحماية المسجد الأقصى من المفاهيم المغلوطة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول أبو الرب -وهو معلم في مدرسة عثمان بن عفان (شمالي الأردن)- إن اعتبار المسجد الأقصى هو قبة الصخرة يعد تفريطا في نحو 98% من مساحة المسجد الأقصى، وهي جزء من المعارف والمعلومات التي استفادها من مشروع رواد “الأقصى كل السور” الذي أطلقه ملتقى القدس الثقافي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم في الأردن.
الحاضنة التربوية
ويقول المدير التنفيذي لملتقى القدس الثقافي أحمد المشوخي للجزيرة نت إن البرنامج يستهدف المدرسة لكونها الحاضنة التربوية الأهم، حيث اعتمدت وزارة التربية والتعليم خلال العام الماضي 50 مدربا من خريجي الفوج الأول للبرنامج، وهم إما معلمون أو مديرون أو مشرفون تربويون من 25 مديرية في 9 محافظات، إضافة إلى العاصمة عمان.
كما بدأ مؤخرا الفوج الثاني من المشروع ويضم 600 متدرب من كافة مديريات التربية في المملكة، ويقول المشوخي إن كل متخرج من هذا البرنامج سيكون قادرا بعد أشهر التدريب على إقامة أنشطة إثرائية مقدسية تتعلق بالمسجد الأقصى المبارك ضمن البيئة المدرسية، إضافة إلى قدرته على تدريب المعلمين على ورشات “الأقصى كل السور”.
ويشير المشوخي إلى أن عدد المعلمين الذين تلقوا التدريب في ورشات “الأقصى كل السور” بمدة 8 ساعات تدريبية قد تجاوز 20 ألف معلم في كافة محافظات المملكة، في حين يسعى المشروع للوصول إلى حاجز 30 ألف خلال الأشهر القادمة.
محتوى متنوع
يقول المدرب في البرنامج أحمد أبو عاشور للجزيرة نت إن البرنامج يتضمن شقا نظريا حول المفاهيم المتعلقة بمدينة القدس وتاريخها، والمخاطر التي تهدد المسجد والمدينة، إضافة إلى بحوث تتعلق بالقدس والفن الإسلامي والوصاية على المسجد، والمنهجية العلمية والبحث العلمي.
وحول الشق الآخر، يقول أبو عاشور إنه يتضمن مهارات تأهيل المدربين ليكونوا قادرين على التدريب أو إنجاز المبادرات، كما يحوي البرنامج تدريبًا عمليًا يهدف إلى التخطيط لربط مواد المنهاج المدرسي بمواضيع ورشات “الأقصى كل السور”؛ مما يضمن نقل أثر التدريب للطلبة في المؤسسة المدرسية.
يقول المعلم مصطفى منصور (أحد المتدربين بالبرنامج) إن ما تلقاه أسهم في نقض الكثير من الصور النمطية والمفاهيم المغلوطة التي تخدم الاحتلال وأهدافه الاستيطانية القريبة وبعيدة المدى، حيث يشير إلى أنها من الدورات التي تضيف على الصعيد الشخصي وتنعكس على الرسالة المهنية للمعلم.
ويضيف منصور أنه يعمل الآن على نقل تجربته للطلبة داخل الغرف الصفية من خلال تطبيقات عملية تحاول المزج بين محتوى المادة الدراسية والمعرفة المقدسية عبر إسقاطات توصل للطالب المعلومة بسلاسة وسهولة، مشيرا إلى أنه بعد التعاطي مع الطلبة تبين وجود معلومات عديدة مغلوطة بحاجة إلى تصحيح وتوجيه.
نقل التجربة
من جهتها، تقول معلمة التربية الإسلامية ربا الضمور إن تجربة المشاركة بالبرنامج كانت ثرية وأضافت لها الكثير من المهارات، لا سيما التي تخص إدارة حملات التنظيم المجتمعي والجوانب الإلكترونية، كما عمل البرنامج -حسب الضمور- على تعزيز ارتباطها الوجداني بالقدس والحافز لمواكبة الأحداث فيها.
وفي حديثها للجزيرة نت، تضيف الضمور أن ما يميز الدورة هو التركيز على أهمية نقل الخبرات والتجارب في الأنشطة الصفية واللامنهجية، فضلا عن وجود شرط إنجاز حصة صفية كمشروع للتخرج، وهو ما يسهم في نقل وتوريث الخبرات وعدم الاكتفاء بتلقي مادة نظرية وتعزيز ارتباط الطلبة بالمسجد الأقصى وقضاياه.
وتقول المشرفة التربوية نور العلايا للجزيرة نت إن البرنامج يتضمن تنوعا في الإستراتيجيات التعليمية وحضورا للجانب الإبداعي التحفيزي لإيصال الأهداف التي تؤكد حضور المسجد الأقصى المبارك في أذهان الطلبة من خلال نمط يراعي المفاهيم الصحيحة والفروق الفردية بين الطلبة.
وتضيف العلايا أنه لتحقيق هذا الهدف كان لا بد من العمل على تنفيذ الحصص الصفية المتخصصة وتفعيل الإذاعة المدرسية واستثمار الجانب التقني والتكنولوجي وإشراك أولياء الأمور والمجتمع المحلي ليكون الأقصى رسالة وعقيدة راسخة في أذهان الطلبة بدعم من الحواضن التربوية المختلفة للطالب.
وكان ملتقى القدس الثقافي أعلن عن مسابقة إبداعية مدرسية على مستوى مدارس المملكة للمعلمين والطلبة على حد سواء بالتعاون مع وزارة التربية، وإضافة لمجال الوسيلة التعليمية والرسم الغرافيتي للمعلمين فقد تم تخصيص أحد المجالات في المسابقة لأفضل حصة صفية خاصة بالمعلمين الحاصلين على ورشة “الأقصى كل السور”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.