كان من المفترض أن يكون يوم إجازة عاديا بالنسبة للشابة الفرنسية كارلا (16 سنة) وعائلتها التي استمتعت بالإقامة لمدة أسبوع بأحد فنادق منطقة كيوتاري، في جنوب شرق جزيرة رودس اليونانية، لكن الحرائق المستعرة منذ أسبوع قلبت الأمور.
ويوم السبت كان عدد من السياح الفرنسيين يستمتعون بساعاتهم الأخيرة على الجزيرة قبل التوجه إلى المطار، غير مهتمين “ببقايا الرماد” الذي نثرته الحرائق المشتعلة منذ أيام بالقرب منهم، فكل ما يحدث بدا بالنسبة لهم بعيدا، وعلى الرغم من تعبئة رجال الإطفاء وتجهيزهم بطائرات الهليكوبتر والمروحيات الخاصة بالإطفاء، فلم يبد أي من السياح في الفندق قلقا حيال ذلك.
لكن صباح يوم أمس الأحد، وعندما كانت كارلا بصدد التقاط صورة لاحظت أن السماء تحوّلت للون البرتقالي، وغيّرت الرياح وجهتها، لتقترب ألسنة اللهب فجأة من المنتجع الساحلي المحصن بين البحر والجبال.
“في هذا الوقت لاحظت أن الفندق المجاور بدأ في الاشتعال”، تقول كارلا لصحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية، لتضطر أسرتها لجمع أمتعتها والمغادرة على الفور بعد أن سمعت أجهزة الإنذار تدوي في أرجاء الفندق لإجلاء النزلاء.
وتضيف الشابة: أجبرنا على الخروج من الخلف، ومُنحنا مناشف وزجاجات مياه، لكن المغادرة كانت مستحيلة فالطريق مسدود.
«On a dû marcher 7 km, les gens criaient» : une touriste française raconte le chaos de l’évacuation de Rhodes https://t.co/RtXqCwnyeo
— Le Figaro (@Le_Figaro) July 24, 2023
حالة ذعر
تتذكر كارلا حالة “الذعر العام” التي انتابت الجميع بسبب عدم مدّهم بتعليمات للإجلاء، وتقول إنه كانت هناك نساء مع أطفال، وكبار السن، وفيما بدأ عدد من السياح في الفرار، تبعتهم عائلتها (كارلا).
“كان علينا أن نمشي 7 كيلومترات ونحمل حقائب وزنها 20 كيلوغراما، كان الناس يصرخون وبعضهم يبكون لأنهم تركوا كل شيء وراءهم”، تقول الشابة الفرنسية، فالكثير منهم كانوا عائدين من الشاطئ ولم يكن لديهم الوقت الكافي للعودة إلى غرف الفندق والحصول على بعض أغراضهم أو حتى أوراقهم الشخصية.
ودون معرفة إلى أين يذهبون كان الفارون من الفندق يصعدون في طريق مرتفع، بينما كانت أعمدة الدخان تلاحقهم، مما اضطرهم لعدم التوقف كما تصف كارلا الوضع.
اضطرت عائلة كارلا إلى ترك حقيبتين في الطريق، وبمساعدة السكان المحليين الذين نظموا عملية الإجلاء ووفروا للسياح الفارين شاحنات ووسائل نقل ومياه، تمكنت العائلة من إيجاد مكان آمن في إحدى المدارس، وعلى الرغم من صعودهم بحافلة تقلهم إلى المطار، فإنهم وجدوا أن رحلتهم قد غادرت بالفعل.
رحلات وانتظار
وحتى ظهر أمس الأحد كانت العائلة الفرنسية لا تزال في المطار، حيث أمضت هناك ليلة بالفعل، فكل الرحلات نحو باريس كانت محجوزة.
وفي مطار جزيرة رودس تجلس الشابة مع المئات على الأرض دون أي دعم كما تقول، مشيرة إلى أن عددا من السياح يعيرون الملابس لبعضهم بعضا، فيما عاد آخرون إلى الفنادق حيث كانوا يقيمون للحصول على أغراضهم.
وتضيف الفتاة بحرقة “لم تعتنِ بنا السلطات”، وبالمقابل حيت ما وصفته بالدعم الهائل من السكان.
وانتظر مئات السياح الأحد في مطار رودس الدولي الواقع في شمال غرب الجزيرة بحثا عن رحلة للعودة، بينما علّقت شركات طيران عدة رحلاتها إلى الجزيرة.
وقامت اليونان بواحدة من “كبرى عمليات الإجلاء التي شهدتها البلاد على الإطلاق”، وشملت نحو 30 ألف شخص، على خلفية موجة حر أدّت إلى تأجيج الحرائق.
وجهة سياحية
يشار إلى أن جزيرة رودس التي تضم أكثر من 100 ألف نسمة تعدّ إحدى أكثر الوجهات السياحية شعبية في اليونان، حيث يقصدها سياح من بريطانيا وألمانيا وفرنسا خصوصا.
يشار إلى أن درجات الحرارة في اليونان فاقت أمس الأحد 40 درجة مئوية في أماكن عدة. وفي وسط البلاد وفي شبه جزيرة بيلوبونيز بلغت الحرارة 45 إلى 46.4 درجة مئوية في فترة ما بعد الظهر، وفقًا لمرصد أثينا الوطني.
ووفقا لمصلحة الأرصاد الجوية الوطنية، من المتوقّع أن تظل درجات الحرارة فوق 40 درجة مئوية مع توقّع 41 إلى 42 درجة مئوية في بيلوبونيز وفي وسط البلاد اليوم الاثنين.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.