23/6/2023–|آخر تحديث: 23/6/202311:11 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
يكشف الفيلم الوثائقي -الذي بثته قناة الجزيرة ليل الجمعة- قصة معركة الشركة الأوروبية المصنعة للطائرات (إيرباص) مع المحاكم الأميركية على خلفية قضية فساد اتهمت الشركة بالتورط فيها.
وإيرباص هي وليدة طموح فرنسي ألماني لبناء مجموعة طيران أوروبية تقتطع حصة من سوق النقل الجوي العالمي. وحققت الشركة لاحقا نجاحا باهرا جعلها تدخل في منافسة شديدة مع شركة بوينغ الأميركية في تصدر سوق المنتجين وصانعي الطيران في العالم.
وبعد أن حققت الشركة الأوروبية أرباحا متتالية ضخمة، منها 45 مليار يورو مع بداية عام 2010، شكك بعض الأميركيين في ممارسات إيرباص التجارية، وهو ما أشار إليه تود تيارت، عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية كنساس (1995 ـ 2011) بقوله إن كثيرين تساءلوا عن كيفية تحقيق إيرباص قفزة هائلة، من 15% من سوق الطائرات الثقيلة إلى 50%.
ورغم أن رئيس مجموعة إيرباص، ثوم أندورس أطلق في يونيو/حزيران 2015 حملة الأيدي النظيفة في الداخل، وعين مديرا جديدا للشؤون القانونية لإصلاح نظام الممارسات التجارية، فإن وزارة العدل الأميركية أطلقت إجراءات قانونية ضد الشركة الأوروبية المصنعة للطائرات، كما وضعتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” (CIA) ومكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي “إف بي آي” (FBI) تحت المراقبة.
ويظهر الفيلم الوثائقي -الذي يحمل عنوان “حرب تجارية عبر الأطلسي”- الخطر القانوني الذي كان يحدق بشركة إيرباص، والمتمثل في المحاكم الأميركية التي يمكنها مقاضاة ومعاقبة أي شركة يشتبه في انتهاكها للقوانين الأميركية في أي مكان بالعالم، وهو ما يسمى بالولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية للقانون الأميركي.
ويؤكد علي العايدي، وهو باحث في “مدرسة التفكير الحربي الاقتصادي”، أن الجهاز القضائي الأميركي يعتبر أن هذه القوانين يمكن تطبيقها على الشركات الأميركية وجميع الشركات في جميع أنحاء العالم، ما يعني أن الولايات المتحدة تسمح لنفسها بمقاضاة الشركات الأجنبية على أساس قانونين رئيسين هما: قانون مكافحة الفساد وقانون مكافحة انتهاك الحظر.
المصالح التجارية الأميركية
وأمام تحرك الأميركيين، ازدادت مخاوف السلطات الفرنسية التي رأت أن الغرض من عمل وزارة العدل الأميركية ليس مكافحة الفساد بل الدفاع باسم قانون الولايات المتحدة عن المصالح التجارية للشركات الأميركية في كل مكان من العالم.
وقالت وسائل الإعلام الفرنسية حينها إن أجهزة المخابرات الفرنسية تتهم الأميركيين بالتجسس على إيرباص، من خلال المحامين الأميركيين الذين ينشطون داخل إيرباص لإجراء دراسات لمحاربة الفساد.
وإلى جانب حملة الأيدي النظيفة التي أطلقتها، فضلت شركة إيرباص التعاون مع العدالة البريطانية لتجنب نيران العدالة الأميركية، كما سعت فرنسا إلى معالجة المعركة القانونية لإيرباص بين الأوروبيين أنفسهم.
وفي أواخر 2017 لم يستطع التحقيق الداخلي ولا الإبلاغ الذاتي في لندن أو التعاون مع نظام العدالة الفرنسي حماية شركة إيرباص، حيث أطلقت وزارة العدل الأميركية إجراءات قانونية ضد شركة تصنيع الطائرات الأوروبية.
وبات مقر الشركة الأوروبية هدفا لأكثر من 100 محام ومحقق، حيث جرى فحص معاملات قسم المبيعات وجميع الإدارات والتدقيق في الملفات الداخلية، ما جعل الفرنسيين يخشون من تسريب بيانات سرية والاضطرار إلى تسليم نظام العدالة الأميركي ملايين الوثائق التي قد تحتوي على أسرار تجارية وعسكرية وصناعية لشركة إيرباص.
غير أن شركة إيرباص تنفست الصعداء بعد أن تمت تسوية قضيتها دون أن تَلحق بها أضرار كبيرة، لكن أجهزة المخابرات الفرنسية ظلت قلقة بشأن بند في تفاصيل الاتفاق مع الأميركيين والذي لم تلاحظه وسائل الإعلام، حيث وجدوا أن الولايات المتحدة فرضت في الاتفاقية القضائية التي وقّعتها الشركة مراقبا ثانيا داخل المجموعة الأوروبية لا يتبع فرنسا وإنما يتبع الولايات المتحدة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.