بعد الاشتباكات المسلّحة بين حرس الحدود الإيراني وقوات حكومة طالبان على الشريط الحدودي بين إيران وأفغانستان، اتّهم الطرفان بعضهما بعضا بتصعيد النزاع.
وفي تقرير لها نشرته صحيفة “إزفيستيا” الروسية، تقول كسينيا لوجينوفا إن اشتباكات مماثلة وقعت بين هذه الدول في وقت سابق لكن قضية المياه فاقمت الخلاف بينها في الأيام الأخيرة.
ويرى الخبراء أن الوضع الحالي يصب في مصلحة الولايات المتحدة التي تركت كثيرا من الأسلحة والمعدات في أفغانستان.
حماسة كبيرة
ونسبت الكاتبة إلى القيادي في حركة طالبان عبد الحميد خراساني قوله: “سنقاتل إيران “بحماسة أكبر” تفوق قتالنا ضد الولايات المتحدة، ويجب أن تكون إيران ممتنة لقادة طالبان على صبرهم”.
وكانت اشتباكات قد اندلعت في اليوم الذي سبق ذلك التصريح في المناطق الحدودية لإقليم نمروز الأفغاني.
وحسب نائب قائد قوات إنفاذ القانون الإيرانية الجنرال قاسم رضائي، فإن قوات طالبان أطلقت النار على نقطة تفتيش ساسولي في منطقة زابل لحرس الحدود الإيراني، “وذلك تطلب ردا فوريا وحاسما من الجانب الإيراني”.
وقد أسفرت الاشتباكات عن وفاة أحد حرس الحدود الإيراني وإصابة اثنين آخرين بجروح. وحسب ما نقلته وسائل إعلام إيرانية عن مصادر في قوات الحدود الإيرانية، فإن طالبان تكبدت خسائر أكبر.
وبعد ذلك، أكد قائد القوات البرية في القوات المسلحة الإيرانية العميد كيومارس حيدري أن وضع الحدود الإيرانية الأفغانية تحت السيطرة اليوم، مضيفا أن التزام طالبان بالقانون الدولي يعني بالضرورة التزام إيران بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل.
علاقات معقدة
استبعد الممثل الخاص للرئيس الروسي في أفغانستان ومدير القسم الثاني لآسيا في وزارة الخارجية الروسية، زامير كابولوف، إمكانية تصاعد الاشتباكات على الحدود الإيرانية الأفغانية إلى درجة خطرة، مذكرا بأن مثل هذه الاشتباكات وقعت في السابق لكن لم تترتب عليها عواقب على المدى البعيد.
وأوردت الكاتبة أن العلاقات بين إيران وحكومة طالبان شهدت توترات مختلفة بسبب دعم طهران خلال الحرب الأهلية في أفغانستان للتحالف الشمالي المعارض لحركة طالبان، فضلا عن الخلافات الدينية والسياسية بين البلدين، دون أن ننسى الصراع على الموارد المائية لنهر هلمند الذي يصب في بحيرة هامون بالأراضي الإيرانية.
وحسب الاتفاقيات المبرمة عام 1973، يتعين على أفغانستان تزويد إيران سنويا بـ850 مليون متر مكعب من المياه من هذا النهر، المسألة التي باتت معقدة بعد وصول طالبان إلى السلطة.
وبينما عزا مسؤولو طالبان نقص المياه إلى الجفاف، تشتبه السلطات الإيرانية في بناء طالبان سدودا إضافية أدت إلى نقص حاد في الموارد المائية في إيران.
تشابك التناقضات
ونسبت الكاتبة إلى الخبير بالنادي الدولي للحوار “فالداي” فرهاد إبراغيموف أن العلاقات بين إيران وطالبان دائما ما اتسمت بالتوتر، مشيرًا إلى اعتقاد إيران أن حركة طالبان غير متسقة مع نفسها وغير قادرة على التفاوض وخطرة.
وأضاف الخبير أن الأمل في قدرة طهران وأفغانستان على بناء علاقات طبيعية تراجع بعد سيطرة طالبان على الحكم، وانعدمت الاتصالات بين الإيرانيين وطالبان التي تهدد طهران علانية بقدرتها على الاستيلاء على أراض إيرانية.
ويرى إبراغيموف أن قضية المياه هي السبب الرئيس لتفاقم العلاقات بين البلدين، مضيفًا أن المنطقة الواقعة جنوب الحدود الأفغانية الإيرانية هي من أكثر المناطق القاحلة والفقيرة في البلدين، إذ يعتمد سكانها اعتمادا كبيرا على مياه نهر هلمند.
وأشار إبراغيموف إلى أن افتتاح رئيس أفغانستان السابق أشرف غني سدّ كمال خان قبل عامين حرم مقاطعتي سيستان وبلوشستان الإيرانية من المياه.
وحسب إبراغيموف، تواصل طالبان هذه السياسة على نحو دفع طهران إلى اتهامها بانتهاك معاهدة المياه الإيرانية الأفغانية الموقعة عام 1973 وتنفيذها هجمات على سائقي الشاحنات الأفغان في إيران نفسها.
قنبلة موقوتة في آسيا الوسطى
وأوضح فاسيلي أوستانين غولوفنيا، الباحث في قسم الشرق الأدنى وما بعد الاتحاد السوفياتي بمعهد المعلومات العلمية في العلوم الاجتماعية، أن ولاية بنجشير كانت تقليديا معقلا للتحالف الشمالي الذي أصبح في عام 2001 الوكيل الرئيس للولايات المتحدة والقوات المناهضة لطالبان للإطاحة بحكومة طالبان في التسعينيات.
وأكّد غولوفنيا أن إيران بدأت في عام 2001 التعاون مع الولايات المتحدة لدعم تحالف الشمال، لكن اشتباكات مماثلة وقعت عام 2021 على الحدود الإيرانية الأفغانية جعلت الوضع ما هو عليه اليوم.
ولفت غولوفنيا الانتباه إلى تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران وإلى الشائعات التي تتداول في طهران بخصوص اعتزام الحكومة الإيرانية اتخاذ إجراء قد لا يحظى بشعبية كبيرة وهو رفع أسعار الوقود.
ونبّه غولوفنيا إلى أن أفغانستان تمثل قنبلة موقوتة لآسيا الوسطى، المنطقة التي تقع في مثلث المقاومة المعادية للغرب؛ أي بين روسيا والصين وإيران.
وزعم أن زعزعة استقرار آسيا الوسطى عبر أفغانستان تخدم مصالح الغرب عن طريق توجيه ضربة لكل من روسيا والصين وإيران في آن واحد.
وأضاف غولوفنيا أن الولايات المتحدة بعد انسحابها من أفغانستان تركت كمية كبيرة من الأسلحة والمعدات لأسباب متعددة، وذلك إلى جانب توقيع اتفاقية سلام في الدوحة مع طالبان حضرها ممثلو الجانبين والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ ووزير الخارجية الأميركي آنذاك مايك بومبيو بالإضافة إلى العديد من السياسيين والدبلوماسيين البارزين الآخرين، وصاحبتها اتفاقيات إطارية لم يُعلن عن فحواها.
وقد تعهدت الولايات المتحدة من بين أمور أخرى بإرسال مساعدات مالية سنوية لتدريب قوات الأمن الأفغانية، حسب ما ذكرته الكاتبة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.