تمثل أزمة انقراض الكائنات واحدة من تبعات تغير المناخ، ويرى العلماء ضرورة اتخاذ خطوات استباقية للحفاظ على الأنواع التي قد تكون مهددة بخطر الانقراض في المستقبل.
في القرون الخمسة الماضية، اختفت مئات الحيوانات من عالمنا، وفي أغلب الحالات يقع اللوم على البشر إما بسبب الصيد الجائر أو بسبب تغير المناخ والتلوث.
ولأن انقراض الأنواع يهدد الطبيعة، فقد أثمرت جهود الحفظ بين عامي 1993 و2020 في الحفاظ على ما يصل إلى 32 نوعا من الطيور وما يصل إلى 16 نوعا من الثدييات.
لكن باحثين من الجامعة الوطنية الأسترالية وجامعة فلوريدا الأميركية ومعهد النظم البيئية الأرضية السويسرية رأوا أنه لا بد من اتخاذ خطوة استباقية للحفاظ على الأنواع قبل فوات الأوان، وذلك بالتنبؤ بالأنواع التي قد تكون مهددة بخطر الانقراض في المستقبل.
ونشر الباحثون نتائج دراستهم بشأن التنبؤ بالأنواع المهددة بخطر الانقراض في المستقبل في دورية “كارنت بيولوجي” (Current Biology) في العاشر من أبريل/نيسان الجاري.
عوامل انقراض الكائنات
يقول مارسيل كارديلو المؤلف الرئيسي للدراسة والباحث في الجامعة الوطنية الأسترالية -في البيان الصحفي المنشور على موقع “فيز دوت أورغ” (Phys.org)- إن “الوقاية خير من العلاج، وما نحتاجه هو طريقة ما لتوقع الأنواع التي ربما لا تكون مهددة بالانقراض في الوقت الحالي، لكن لديها فرصة كبيرة للانقراض في المستقبل”.
وللتنبؤ بخطر الانقراض، درس الباحثون 3 محاور أساسية تُعرض الثدييات للخطر وهي تغير المناخ، ونمو السكان، ونمط استخدام الأراضي، بالإضافة إلى الخصائص البيولوجية الجوهرية التي يمكن أن تجعل بعض الأنواع أكثر عرضة لخطر الانقراض من غيرها.
ويتوقع الفريق البحثي أنه بحلول عام 2100، ستتعرض 20% تقريبا من الثدييات البرية إلى اثنين أو أكثر من عوامل الخطر، وستتعرض ما بين 40% و58% لعامل واحد على الأقل.
خطر الانقراض في أفريقيا وأستراليا
وتعتبر قارة أفريقيا واحدة من أكثر المناطق تأثرا بتغير المناخ في العالم، ففي وسط وجنوب أفريقيا، يبلغ متوسط الزيادة المتوقعة في درجة الحرارة من الاحتباس الحراري بحلول عام 2100 حوالي 1.5 ضعف المتوسط العالمي.
يقول كارديلو “وجدنا أن كثيرا من الثدييات الكبيرة معرضة لخطر الانقراض في دول جنوب الصحراء الكبرى في قارة أفريقيا وتليها جنوب شرق أستراليا، وذلك بسبب تغير المناخ، والنمو السكاني، وطريقة استخدام الأراضي”.
وإضافة إلى ذلك، تؤثر الخصائص الحيوية في انقراض الثدييات في تلك المناطق، فغالبا ما تكون الثدييات الكبيرة مثل الفيلة ووحيد القرن والزرافات والكنغر أكثر عرضة لانخفاض أعدادها، لأن أنماطها الإنجابية تؤثر على تكاثرها، على سبيل المثال فترات حمل الفيلة طويلة وتؤثر على سرعة تكاثرها، على عكس الثدييات الصغيرة، مثل القوارض التي تتكاثر بسرعة وبأعداد أكبر.
الحفاظ على الأنواع
يقول كارديلو إن “الحكومات عادة اعتمدت على إنشاء محميات طبيعية لإزالة أو تخفيف الأسباب التي تهديد الأنواع، ولكن هذه طريقة غريبة لحفظ الأنواع، لأنها تفصل الناس عن الطبيعة، ولا يلعب البشر دورا في حماية الكائنات، وهذا شيء لا يتوافق مع عديد من الثقافات في أجزاء كثيرة حول العالم”.
ويرى الباحثون أنه لا بد من أخذ تأثير المحميات الطبيعة على السكان الأصليين في الاعتبار، حيث يبلغ عدد السكان الأصليين حوالي 50 مليون نسمة في قارة أفريقيا، وحوالي 900 ألف في أستراليا، وإنشاء محميات طبيعية في هذه المناطق قد تكون له آثار سلبية عليهم.
من أجل ذلك، اتخذت أستراليا خطوات جادة في دمج وتعايش البشر مع الحيوانات، فأنشأت محميات يملكها السكان الأصليون، ويعملون مع حراس من المجتمعات المحلية.
التخطيط الجيد
وختاما، يرى الباحثون أن مواجهة أزمة انقراض الكائنات تتطلب تخطيطا جيدا، ونهجا استباقيا للتنبؤ بالعوامل المتغيرة مع الزمن، والتي قد تهدد مزيدا من الكائنات خلال العقود القادمة.
ويقول كارديلو إن “هناك دورا مهما يجب أن تلعبه دراسات النمذجة، لأنها يمكن أن توفر إطارا ورؤية مستقبلية للتخطيط لحفظ الكائنات، ونأمل أن يعمل نموذجنا كمحفز لإحداث نوع من التغيير”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.