يتردد العديد من الأشخاص في مناقشة مشاكل الجهاز الهضمي وأعراض الأمعاء وإثارتها مع الأطباء المختصين؛ لذا فهم يعانون بصمت لعدة سنوات بلا داع، وفقا للدكتور موشلي، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي والكبد والتغذية في مستشفى كليفلاند كلينك.
وقال موشلي “نحتاج إلى زيادة وعي المرضى حول أهمية الحديث عن الأعراض السلبية ومشاكل الجهاز الهضمي والأمعاء مع الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية؛ إذ تظهر الأبحاث أن العديد من الأشخاص إما يترددون في إثارة هذه الأعراض مع أطبائهم، أو أنهم يناقشونها فقط عندما يُسألون عنها مباشرة أو عندما يتفاقم الوضع، وتتعدد الأسباب وراء ذلك سواء بسبب الخوف أو الإحراج أو الوصمة والأعراف المجتمعية. وفي كثير من الأحيان يفضّل المرضى البحث عن المعلومات عبر الإنترنت، ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية”.
وأضاف “غالبا ما تشير الأعراض السلبية المتعلقة بالجهاز الهضمي إلى متلازمة القولون العصبي، وهو أمر غير مريح، ولكن لا داعي للخوف؛ لأنه لا يضر الجهاز الهضمي أو يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان القولون. وفي حالات نادرة جدا، قد نجد أن الأعراض، التي يعاني منها المريض، ناتجة عن حالة أكثر خطورة، مثل سرطان القولون، وفي هذه الحالة يؤدي التشخيص المبكر والعلاج المناسب إلى تحسين النتائج النهائية للمريض. لذلك، في كلتا الحالتين، من الأفضل طلب المساعدة من اختصاصيي الرعاية الصحية إذا كانت لدى المريض مشاكل مستمرة في الجهاز الهضمي”.
اضطراب وظيفي
وأشار موشلي إلى أن متلازمة القولون العصبي هي عبارة عن اضطراب معدي معوي وظيفي -يُعرف أيضا باسم اضطراب التفاعل بين القناة الهضمية والدماغ- وهو مرتبط بمشاكل في كيفية تفاعل وعمل الأمعاء والدماغ معا.
وتتسبب هذه المشاكل في زيادة حساسية الجهاز الهضمي بشكل كبير إضافة إلى تغير طريقة عمل عضلات الأمعاء، ما يؤدي إلى إصابة المريض بآلام في البطن وغازات وإسهال وإمساك.
وتقدّر المؤسسة الدولية لاضطرابات الجهاز الهضمي (IDGD) أن 5-10% من سكان العالم مصابون بمرض القولون العصبي. ووفقا للمؤسسة، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة من الرجال؛ كما أن معظم مرضى القولون العصبي هم تحت سن الـ20، ويتم تشخيص العديد منهم بعد سنوات من بدء ظهور الأعراض.
وقد وجد الاستبيان، الذي أجرته المؤسسة وشمل نحو ألفي مريض بمتلازمة القولون العصبي أن تشخيص المرض تم بعد 6.5 سنوات تقريبا من بداية ظهور الأعراض.
السبب الدقيق غير واضح
ولفت الدكتور موشلي إلى أن العلاج يتم تحديده اعتمادا على الأعراض التي يعاني منها المريض، ويمكن إجراء فحص للدم وتحليل لعينات البراز إضافة إلى تنظير القولون لاستبعاد أي احتمالات أخرى.
وبيّن الدكتور موشلي أن السبب الدقيق لمرض القولون العصبي لا يزال غير واضح، لكن يعتقد الباحثون أن مجموعة من العوامل يمكن أن تؤدي إلى متلازمة القولون العصبي، بما في ذلك اضطراب حركة الأمعاء (dysmotility)، والتي تشير إلى مشكلات في كيفية تقلص عضلات الجهاز الهضمي وتحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي، إضافة إلى فرط الحساسية الحشوية، والذي يعني أن الأعصاب في الجهاز الهضمي شديدة الحساسية.
ومن العوامل الأخرى للإصابة بمتلازمة الجهاز الهضمي سوء الفهم بين الأعصاب في الدماغ والأمعاء، والذي يُشار إليه كخلل في وظيفة الدماغ والأمعاء.
وتشير الدراسات أيضا إلى أن الأشخاص قد يكونون معرضين لخطر الإصابة بمرض القولون العصبي، إذا كان لديهم تاريخ عائلي لمرض القولون العصبي أو الإجهاد العاطفي أو التوتر أو القلق أو تاريخ من سوء المعاملة أو صدمة في الطفولة أو عدم تحمل الطعام أو كان لديهم عدوى في الجهاز الهضمي.
ونوّه الدكتور موشلي إلى أن هناك طرقا فعّالة لإدارة متلازمة القولون العصبي والحد من تفاقمها ليتمكن المرضى من الاستمتاع بجودة حياة أفضل.
وتختلف محفزات نوبات القولون العصبي من شخص إلى آخر ويمكن أن تكون غير متناسقة في الشدة والأعراض، لذلك يعمل اختصاصي الجهاز الهضمي مع مريضه لتحديد المحفزات والعوامل الشخصية، والتي يمكن بعد ذلك التقليل منها أو تجنبها. وتشمل المسببات الشائعة أنواعا مختلفة من الأطعمة والأدوية بالإضافة إلى التوتر.
حمية الإقصاء
وفيما يتعلق بالأطعمة، يمكن أن تساعد حمية الإقصاء، التي يتم إجراؤها بالتشاور مع الطبيب، في تخفيف الشعور غير المريح وتحديد الأطعمة، التي تسبب النوبات. وتشمل الأطعمة التي يتم التخلص منها عادة المأكولات التي تحتوي على الغلوتين ومنتجات الألبان والسكر والأطعمة المعبأة والمعالجة.
وأشار الدكتور موشلي إلى أن الحد من استهلاك الكربوهيدرات، التي يُشار إليها عادة (FODMAPS) -وهي اختصار للسكريات قليلة التخمير والسكريات الثنائية والسكريات الأحادية والبوليولات- له تأثير كبير على جودة حياة المصابين بمتلازمة القولون العصبي، ويجد العديد من الأشخاص الراحة بعد اتباع نظام غذائي طويل الأمد منخفض الكربوهيدرات.
واختتم الدكتور موشلي قائلا “لا يوجد علاج لمرض القولون العصبي، ولكن التنسيق والعمل مع الاختصاصيين الطبيين لإجراء تغييرات في نمط الحياة مثل النظام الغذائي وإدارة الإجهاد وتحديد الأدوية، التي يمكن تناولها عند الحاجة لمعالجة الأعراض، يمكن أن يسهم في إحداث تأثير إيجابي في جودة حياة المرضى”.