في العيد يعيش الأطفال وضعا استثنائيا، فما كان ممنوعا عليهم مثل قبول النقود أو الحلوى يصبح مقبولا لكن وفق قواعد، وبسبب كل هذه التغيرات المفاجئة، قد تجد الأم نفسها في موقف إحراج، خاصة إذا كان الأطفال جريئين ويبادرون بطلب العيدية من أي كان ودون ضوابط.
ومن الأمور التي تثير النقاش باستمرار في هذا الموضوع أيضا قضية التعامل مع هذه العيدية، هل هي مال خاص بالطفل يتصرف فيه كيف يشاء وينفقه متى شاء وفي ما يريد؟ أم أنه يمكن إخضاعه للمراقبة والتدخل في طريقة إنفاقه؟
حكاية العيدية
عرفت العيدية في مصر الفاطمية، ويقول الدكتور عصام الفرماوي، أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة المنيا، في حوار على القناة الفضائية المصرية، إن العيدية ظهرت كمصطلح حضاري في العهد الفاطمي، وفي بداية الأمر كان له مدلول سياسي أكثر منه اجتماعي لاستمالة قلوب المصريين نحو الحكم الفاطمي.
وكان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، يمنح العيدية لكبار رجال الدولة وفقهاء الدين وعامة الشعب، وكانت عبارة عن عملة تذكارية توزع في العيد فقط، وكان يطلق عليها “الخروبة”، بجانب توزيع الحلوى والهدايا والكسوة وإقامة الموائد مع حلول ليلة العيد.
استمرت العيدية خلال العصر الفاطمي وتنوعت أسماؤها بين “الرسوم” أو “التوسعة”، وكانت توزع على الفقراء، وفي العصر المملوكي عرفت العيدية باسم “الجامكية”، وكانت تصرف بأمر مباشر من السلطان للرعية من أجل شراء كسوة جديدة.
في العصر الحديث، تحول الأمر تدريجيا إلى ثقافة عامة، وأصبح الآباء والأجداد يقدمون العيدية لأطفال العائلة، وتعرف باسمها المشتق من العيد في كثير من الدول، أما في بعض المناطق فتعرف بأسماء أخرى مختلفة.
ففي السعودية يطلق على العيدية اسم “حوامة” و”الفرحية” و”الحقاقية”، وفي سوريا تعرف باسم “الخرجية”، وفي المغرب “فلوس العيد” وفي موريتانيا تدعى “اندوينة”.
أهمية العيدية
تكتسب “العيدية” أهميتها بالنسبة للطفل من كونها مبلغا ماليا قيما وهدية مميزة مرتبطة بالعيد. وتشير الاستشارية التربوية واختصاصية تعديل سلوك الأطفال وصعوبات التعلم ريم مصطفى عمران إلى أهمية العيدية للطفل، إذ تشعر هذه العادة بفرحة العيد وتربط لديه هذه المناسبة الدينية بذكريات سعيدة.
وتقول ريم في حديث للجزيرة نت “يفضل أن تكون العيدية مبلغا من المال، وليس هدية أو لعبة، حتى يقرر هو ما يريد شراءه بذلك المال”.
لكن خبيرة الإتيكيت بسمة عزب ترى أن العيدية لا يجوز أن تقتصر على الأطفال فقط، حيث يفضل أن يقدم الأبناء الكبار ذوي الذمة المالية الخاصة العيدية للأم والأخوات، كما أنه من المحبب أن يقدم الزوج العيدية لزوجته.
ومع ذلك، تقول بسمة للجزيرة نت “ليس هناك قيمة محددة للعيدية. كل شخص حسب إمكانياته وظروفه، فهي رمز لإظهار فرحة العيد وعادة من زمن قديم تتوارثها الأجيال وليست للتفاخر والتباهي”.
ماذا يفعل الطفل؟
من الضروري أن يعرف الطفل كيفية التعامل مع الأشخاص مانحي العيدية من الأهل والأقارب. وتوضح الاستشارية التربوية “ريم عمران” بعض النقاط التي يجب على الأم تعليمها للطفل حتى لا يضعها في موقف محرج:
- عودي طفلك على ألا يطلب العيدية من الأقارب والأهل.
- علميه أن يخبرك بكل مبلغ مالي يحصل عليه، لأنه مجرد طفل صغير ولا يجوز أن يكون معه مبلغ مالي كبير دون علم والدته.
- عوديه على أن يخبرك عن أوجه صرف العيدية ويتشاور معك في ذلك حتى يكون الأمر تحت إشرافك.
- علميه أن يشكر مانح العيدية مهما كانت قيمتها.
وتنصح ريم الآباء بعدم الاستحواذ على عيدية الطفل، لأنه حق له وتعلمه الشعور بالملكية وبالتصرف فيها.
إتيكيت تقديم العيدية
تنصح خبيرة الإتيكيت بسمة عزب بالحرص على بعض النقاط وأخذها في الاعتبار عند منح العيدية:
- عدم تأخير العيدية وخاصة على الأطفال، فمثلا في حال وصول الشخص إلى البيت الذي تجتمع فيه الأسرة يجب تقديم العيدية فورا وليس في نهاية اليوم كما يفعل البعض.
- لا بد أن تكون العملة جديدة وغير قديمة أو ممزقة وتقدم في أظرف بألوان مبهجة أو تقدم مع بالونات مثلا أو في علب مخصصة للنقود.
- لا بد للشخص الذي يقدم العيدية أن يكون معه نقود احتياطية لتجنب المواقف المحرجة في حال وجود أطفال آخرين يفاجأ بهم في المنزل الذي تجتمع فيه العائلة.
- إذا كان هناك أكثر من شخص يقدم العيدية، فيفضل أن تقدم العيدية داخل أظرف مغلقة حتى لا يتم إحراج شخص آخر يقدم قيمة عيدية أقل من الآخرين.