تحذير أممي من “إرهاب جديد” مستوحى من ألعاب الفيديو ومواقع التواصل

متابعات ينبوع العرفة:

الإرهاب في الماضي وإبان فترة هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كان رموزه و”نجومه” محدودين وعملياته قليلة، ولكنها كبيرة الحجم وتتسبب بخسائر مادية وبشرية كبيرة.

بدأت العمليات الإرهابية بشكلها التقليدي الذي عرفناه خلال العقود الثلاثة الأخيرة مع تنظيم القاعدة وتطورت حتى وصلنا إلى داعش، ولكن في المرحلة الراهنة أصبح الوضع يبدو مختلفا.

فتطور تكنولوجيات الإعلام وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي إضافةً إلى ألعاب الفيديو كان لها تأثير كبير في اتجاهين: الأول هو ابتكار وسائل جديدة لارتكاب الجرائم الإرهابية، والثاني هو تنامي ظاهرة الذئاب المنفردة التي تقوم بعمليات صغيرة في أماكن متفرقة من العالم في مقابل تقلص دور الجماعة الأم بهجماتها الكبيرة كما كان يحدث في الماضي.

هذان الهاجسان هما ما دفع الأمم المتحدة، وتحديداً وحدة مواجهة الإرهاب، إلى عقد ملتقى في العاصمة التايلندية بانكوك بحضور ممثلين كبار في حكومات دول جنوب شرق آسيا وفي مقدمتهم الدولة المستضيفة، إضافةً إلى إندونيسيا والفلبين وماليزيا، فضلاً عن ممثلين من الاتحاد الأوربي وأستراليا ونيوزيلاندا.

الهدف الرئيسي من هذا الملتقى كان البحث في كيفية مواجهة هذه القضية الحساسة في ظل التطورات التكنولوجية والتغيرات التي طرأت على هذه الجماعات مع إلقاء الضوء على تجارب أخرى حول العالم ومنها التجربتان الأسترالية والنيوزيلاندية، فالأولى تعرضت لهجمة إرهابية على مركز إسلامي في مدينة كريست تشيرش مستلهمة من ألعاب الفيديو الإلكترونية، والثانية وهي أستراليا التي انكوت بهجمات متفرقة لذئاب منفردة.

إحدى القضايا الرئيسية التي كان يطرحها الملتقى هي العلاقة بين وسائل الإعلام والحكومات في حال وقوع أزمات كبيرة أو هجمات إرهابية.

ومن هنا كان حضوري في هذا المؤتمر كخبير إعلامي عمل في عدة قارات وقنوات، آخرها بالوقت الحالي قناة “العربية”، لعرض تجربتي في التعامل مع قضايا وهجمات الإرهاب وطريقة إدارة العلاقة مع الجهات الرسمية.

الملتقى بدأ باتهام مباشر من ممثلي حكومات جنوب شرق آسيا لوسائل الإعلام بنشر الشائعات واللهث وراء بيانات الإرهابيين ومعلومات وسائل التواصل الاجتماعي غير الدقيقة، إضافةً إلى التسرع في بث الصور والفيديوهات التي يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على المجتمع وضحايا الإرهاب إن كانت صحيحة، فما بالك إن كانت غير دقيقة.

ورغم أن الاتهامات تبدو في مجملها صحيحة، فإن المخطئ فيها ليس قنوات الأخبار فقط أو وسائل الإعلام فقط بل إن الحكومات ذاتها تتحمل جزءا من الخطأ. فعلى سبيل المثال عندما وقعت جريمة كريست تشيرش في نيوزيلاندا والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين شخصاً كانوا في معظمهم يصلون في المسجد، وضع الإرهابي منفذ الهجوم والذي استنسخ فيه تكتيكات ألعاب الفيديو بثه مباشرة عبر فيسبوك. وقتها لم يكن أمام وسائل الإعلام العربية والعالمية غير الفيديو والمعلومات الواردة على صفحة منفذ الهجوم.

الانتظار حتى صدور ردود فعل رسمية كان يعنى ترك جمهور المشاهدين نهباً لصفحة الإرهابي على فيسبوك وغيرها من المواقع المروجة للشائعات لتداول الخبر. لذلك فقد سارعت القنوات الإخبارية إلى استخدام ما هو متاح، وعندما بدأت تتوافر مواد أخرى من مصادر رسمية وموثوقة تخلت عن الصور التي بثها الإرهابي وبدأت تسير في تغطياتها بنحو مسؤول اجتماعياً.

ولو عدنا كثيراً إلى الوراء نتذكر أسامة بن لادن وأشرطته والتي صنعت شهرة إحدى القنوات بل حققت لها انتشاراً من وراء بثها لأشرطته وبياناته وصوره والترويج لها.. وهو ما تنبهت إليه قناة “العربية” فيما بعد لترفض الدخول في مثل هذه المنافسة، وهو ما أفقد هذه النوعية من الرسائل والشرائط الإرهابية قيمتها.

خلال الملتقى أيضاً، تحدثنا عن تنظيم داعش وكيف نجح المجتمع الدولي في تغيير اسم التنظيم الذي كان يسعى بكل جهده ليربط اسمه بالإسلام، كي يتحول من “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” إلى ISIS بالإنجليزية وهي اختصار الحروف الأولى من اسمه. وهو الأمر نفسه الذي فعلته قناة “العربية” ونجحت في ترسيخ اسم ثان له بالمنطقة وهو داعش، بل وصل الأمر إلى أن بعض المنتمين لهذا التنظيم أصبحوا يصفون أنفسهم بالداعشيين، وليس كما يطلق التنظيم الإرهابي على نفسه.

في الملتقى ضرب ممثلو حكومات جنوب شرق آسيا المثل بانفجارات بالي وجاكرتا والهجمات على جنوب الفلبين وماليزيا وقالوا إن وسائل الإعلام العالمية كانت تغطيتها دعائية للمهاجمين أكثر ما كانت تدين الإرهاب.

وهنا أوضحت لهم أولاً أن الصحافي وقنوات الأخبار تلهث دائماً وراء الخبر والمعلومة والصورة، فإن لم تجد مصدراً رسمياً فهي مضطرة للبحث في المصادر الأخرى حتى لو كانت غير رسمية أو تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت طبقاً لمعايير مهنية بالطبع.

من مؤتمر بانكوك حول مكافحة الإرهاب

ثانياً، يجب أن تكون الحكومات والمصادر الرسمية للأخبار على علم بطبيعة تكوين قنوات الأخبار ووسائل الإعلام ومع من يجب أن تتواصل في اللحظات الحرجة.

ثالثاً، على الحكومات أن توفر معلومة أو تقول شيئاً لوسائل الإعلام ولا تتركها نهباً للمواقع غير الرسمية. وعلى سبيل المثال في الغرب دائماً تصدر بيانات رسمية على شاكلة “إن السلطات تتعامل مع حادثة في منطقة كذا وفور توافر المعلومات سوف نوافيكم بالمزيد” وهذا غير كاف لكنه “أضعف الإيمان”.

رابعاً، على الحكومات والمصادر الرسمية ألا تضع نفسها في زاوية توفير المعلومات المتعلقة بآخر تطورات الهجوم الإرهابي فقط، فهناك نوعية من المعلومات التي تعطي جوانب تاريخية أو إحصائية سواء كانت عسكرية أو جغرافية يمكن أن تكون مفيدة لجمهور المتابعين.

خامساً، لا بد أن تعمل كل من القناة الإخبارية والمصادر الحكومية معاً لإيجاد خطوط تواصل ليس عبر الهاتف فقط بل بوجود ممثلين من الجانيين يمكن أن يتواجدوا على الشاشة عند وقوع الأحداث الكبيرة.

النقطة الأهم التي أثارها ممثلي الأمم المتحدة من وجهة نظري كانت هي ضحايا العمليات الإرهابية، فكفى “تنجيماً” للإرهابيين وهجماتهم، وعلينا أن نلتفت أكثر لضحايا هذه الهجمات وإلقاء الضوء على المأساة التي يعيشون فيها صحياً واجتماعياً بسبب تداعيات العمليات الإرهابية. ولعل هذه النقطة كانت هي الأهم التي تم التوافق عليها والاعتراف بالتقصير فيها بين ممثلي الحكومات والأمم المتحدة وشخصي أنا كممثل لوسائل الإعلام.


الجدير بالذكر ان خبر “تحذير أممي من “إرهاب جديد” مستوحى من ألعاب الفيديو ومواقع التواصل” تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق يبوع المعرفة والمصدر الأساسي هو المعني بصحة الخبر من عدمه.
وموقع ينبوع المعرفة يرحب بكم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة كافة الأحداث والأخبار اول بأول.

Previous post ثمار للأكل لإدارة مرض السكري
Next post تعرف على نجمك.. الكابتن مسعد نور مشواره وألقابه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *